وممّا يؤسف له أن فيشر بدأ بمعجمه ولكنّه مات في بداية عمله، لكنّ منهجه فيه كان واضحاً في مقدمة الجزء المطبوع منه، ولذا فسنتعرف على منهجه منها.
ما طبع من معجم فيشر:
طبع جزء من المعجم من أول حرف الهمزة إلى (أبد) بعنوان (لمعجم اللغويّ التاريخي)، ذهب أربع وثلاثون صفحة منه في المقدمة، وجاء المنشور من حرف الهمزة في ثلاث وخمسين صفحة، ذهب عشرون منها في الحديث عن أنواع الهمزة، والباقي منه في كلمات أعجميّة وعربيّة، ولذا فهو نموذج قصير، لقلة الألفاظ الغنيّة فيه.
المنهج التاريخي في صناعة معجمه:
يمثّل سلوك المنهج التاريخي الهدفَ الرئيس في معجم فيشر، فقد كان صاحب التجربة الناضجة الأولى بين معاجم العربيّة، ولذا أدار حول هذا الأمر الحديث في عدة مواضع من مقدمته، شأن أي صاحب دعوة جديدة يدعو إلى نظريته.
ونستخلص ممّا ذكره من إشاراتٍ أسسَ نظريته في صناعة معجمه، على النحو التالي:
الأول: مادّة المعجم:
مادّة المعجم تُعدّ الأساس لبناء أيّ معجم، وفيشر في مقدمته ذكر بداية الحدّ الزمني لمادّة معجمه ونهايته، فهو معجم تاريخي للعربيّة حتى نهاية القرن الثالث الهجري، أمّا بداية استشهاده فبنقش النمارة من القرن الرابع الميلادي.
وفي الزمان الذي حدّد بدايته ونهايته ذهب إلى أنّ كلّ الكلمات التي جاءت في الآداب العربيّة في تلك الفترة يتناول بحث تاريخها.
وبالاطّلاع على مصادر المعجم التي ذكرها في المقدمة مختصرة نتعرّف على مادّته، حيث ذهب إلى عدم الاقتصار على معاجم اللغة، وإنما تؤخذ اللغة من المصادر المختلفة، من القرآن، الحديث، الشعر، الأمثال، المؤلفات التاريخيّة والجغرافيّة، كتب الأدب، الكتابات المنقوشة، مخطوطات البَرْديّ والنقود، واستثنى منها الكتب الفنيّة مع أخذه المصطلحات منها.
أمّا المعاجم العربيّة فيرجع إليها في ألفاظ لم يجد لها شواهد فيما رجع إليه من كتب، إذا تبين له أنّ تلك الألفاظ ليست من عصور متأخرة، وعلّل وجود تلك الألفاظ دون شواهدها في المعاجم بوجود الشواهد أمام المعجميين عند تأليفها، إلا أنها فُقدت بعد ذلك، ولذا مال إلى الأخذ من المعاجم لكونها الوسيط الناقل مع فقد المنقول عنه.
وفي معجمه كان يذكر اللفظ أو التعبير واسم المعجم المنقول منه.
الثاني: المداخل:
فرّق فيشر بين المداخل العربيّة والمعرّبة، أما المداخل العربيّة فسار بها على طريقة المعجميين العرب، بجعل المادّة المجرّدة من الزوائد مدخلاً، ومشتقّاتها تحتها، وكذا الكلمات الأعجمية التي تصرّف بها العرب بالاشتقاق.
أما الأعجمية التي لم يتصرّف بها العرب فجعل لكلّ كلمة مدخلاً خاصّاً بها على الصورة التي هي عليها.
ترتيب المداخل:
يشمل الترتيب في المعجم ترتيبين:
ترتيب خارجي للمداخل، وترتيب داخلي للمشتقات فيها، ونبّه فيشر إلى الترتيبين على النحو الآتي:
ترتيب المداخل بمراعاة الحرف الأول والثاني والثالث، وأشار إلى ترتيب اللسان والقاموس ونحوهما بأنه ليس حسناً لسببين:
- لوقوع اللبس عندما يكون الحرف الأخير حرف علة.
- لكثرة وقوع الحرف الأخير غير أصلي مثل أخ وأب وابن واست وماء، من: أخو و أبو و بنو و سته و موه، ولصعوبة ترتيب الكلمات الأحاديّة والثنائيّة مثل حروف المعاني والضمائر.
ترتيب المشتقات: بدأ فيشر في ترتيبه المشتقّات بالفعل المجرّد ثمّ المزيد بحرف ثمّ بحرفين ثمّ بثلاثة أحرف.
وتكون أبنية الأفعال على الترتيب التالي:
فَعَل، فَعِل، فَعُل، فَعّل، فاعَل، أفْعَلَ، تَفَعّلَ، تَفاعَل، انْفَعَل، افْتَعَل، افْعَلّ، استفعل، افْعالّ، افْعَوْعَل، افْعَوّلَ، افْعَنْلَلَ، افْعَنْلى.
ثمّ الأسماء بعد الأفعال على ترتيب الأفعال: المجرّد ثمّ المزيد، وهكذا، وتكون أبنية الأسماء على الترتيب التالي:
فَعْل، فِعْل، فُعْل، فَعَل، فَعِل، فِعَل، فِعِل، فُعُل، فُعَل، فَعُل، فاعِل، فاعَل، فعَال.
ومن الأمثلة على الترتيب الداخلي:
¨ مادّة (أبب): بدأ بـ (أبَّ) ثمّ (إيتبّ) ثمّ الأسماء (أَبّ) ثمّ (أُباب) ثمّ (أَبابة وإبابة) ثمّ (إبّان).
¥