وكان بشار قد هجا الأخفش، فأورد الأخفش في كتبه شيئاً من شعره، ليكفَّ عنه [25].
وكذلك سيبويه استشهد بشيء من شعرِ بشار؛ تَقَرُّباً إليه، لأنه كان قد هجاه؛ لتركه الاحتجاج بشعره [26].
واستشهد أبو علي الفارس ( http://www.maktoobblog.com/search?s=%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D8%AD+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B6%D8%AF%D9%8A+%D9%84%D8%A 3%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%A8%D9%86+%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3&button=&gsearch=2&utm_source=related-search-blog-2010-11-16&utm_medium=body-click&utm_campaign=related-search) ي في ((الإيضاح)): 102، ببيت أبي تمام الطائي، المتوفى سنة 231هـ، وهو قوله:
مَنْ كانَ مَرْعَى عَزْمِهِ وَهُمُومِهِ ... رَوْضُ الأماني لم يَزَلْ مَهْزُولا [27]
لأنَّ عَضُدَ الدولة كان يحبُّ هذا البيت، وينشده كثيراً، لا لأنَّ أبا تمام يستشهد بشعره [28].
وذهب بعض علماء العربية إلى صحة الاستشهاد بكلام من يوثَق به من المُحْدَثين.
وجَنَحَ إلى هذا المذهب الزمخشريُّ، فقد استشهد ببيتٍ لأبي تمام في أوائل سورة البقرة من ((الكشاف)) (43: 1)، وقال: وهو وإن كان مُحْدَثاً لا يستشهد بشعره في اللغة، فهو من علماء العربية، فأَجْعَلُ ما يقولهُ بمنزلة ما يرويه، ألا ترى إلى قول العلماء: الدليل عليه بيتُ الحماسة، فيقتنعون بذلك؛ لوثوقهم بروايته وإتقانه.
ونحا هذا النحو الرَّضيُّ، فقد استشهد بشعر أبي تمَّام في عدة مواضع من شرحه لـ ((كافية ابن ( http://www.maktoobblog.com/search?s=%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D8%AD+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B6%D8%AF%D9%8A+%D9%84%D8%A 3%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%A8%D9%86+%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3&button=&gsearch=2&utm_source=related-search-blog-2010-11-16&utm_medium=body-click&utm_campaign=related-search) الحاجب)) [29].
وجرى على هذا المذهب الشهابُ الخفاجيُّ فقال في ((شرح درة الغواص)): أجعل ما يقوله المتنبي بمنزلة ما يرويه [30].
وضُعِّفَ هذا المذهبُ من ناحية أن الرواية تعتمد على الضبط والعدالة. أما الثقةُ بصحة الكلام، أو فصاحتِه فمدارُها على مَنْ يتكلم بالعربية بمقتضى النشأة والفطرة.
وكيف يُحْتَجُّ بأقوال هؤلاء المولَّدِيْنَ وقد وقعوا في أغلاط كثيرة، لا يستطيع أحدٌ تخريجها على وجه مقبول.
فإن ذُكِرَتْ أقوالهم على سبيل الاستئناس به، ولم تجعل دليلاً فلا بأس به.
ولا يُفْتَحُ بابُ الاحتجاج بأقوال المولَّدِيْنَ؛ كيلا يلزم الاستدلال بكل ما وقع في كلام المحدثين، كالحريري وأضرابه، والحجة فيما رووه، لا فيما رأوه، وقد خطَّأوا المتنبي وأبا تمام والبحتري في أشياء كثيرة، كما هو مسطور في شرح تلك الدواوين، ويرى ذلك بوضوح في كتب النحو والصرف.
وليس بسديد أن تُصَحِّحَ بعض الكَلِمِ أو الأساليب، استناداً على استعمالات العلماء في مصنفاتهم إن وردت مخالفة لأساليب العرب في عصور الاحتجاج، فلكل جَوَادٍ كَبْوَةٌ، ولكل صارمٍ نَبْوَةٌ.
فما يلفظ به رواة الشعر وعلماءُ العربية لا حجة فيه، إلاَّ أن تذكَره على وجه الاستئناس، وأنت مَاليء يدك بما هو حجة، أو منتظرٌ لأن تظفر بالحجة.
والفساد في اللغة أسرع إلى ألسنة أبن ( http://www.maktoobblog.com/search?s=%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D8%AD+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B6%D8%AF%D9%8A+%D9%84%D8%A 3%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%A8%D9%86+%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3&button=&gsearch=2&utm_source=related-search-blog-2010-11-16&utm_medium=body-click&utm_campaign=related-search) اءِ العرب، ومَنْ نشأ في بيئتهم منذ وَصَلَتِ الفتوحُ الإسلامية العرب بالعجم.
وقد ظهر اللحن بجلاءٍ في أواخر عهد الدولة الأموية، وكان انقراضها سنة 132هـ[31].
أما سكان الجزيرة فإنهم ما برحوا على فصاحة اللغة إلى أواسط القرن الرابع.
وأما الخاصة من سكان المدن فبقوا على فصاحة اللهجة إلى أوائل عهد الدولة العباسية [32].
¥