1) المستوى الأول: وهي تلك التي تجاوز تاريخها خمسة وعشرين عاماً عاماً، واكتملت لديها البُنى التحتية تقريباً وهي ثماني جامعات.
2) المستوى الثاني: وهي تلك التي تفرّعت وانبثقت من رحم جامعات المستوى الأول وأصبح عمرها يتجاوز العشرة الأعوام. وتقريباً في طريقها إلى اكتمال البنى التحتية وهي ست جامعات.
3) المستوى الثالث: وهي تلك الجامعات الناشئة حديثاً ولم يتجاوز تاريخها العشر السنوات ولا تزال في طور تشكيل البنى التحتية وهي بقية الجامعات التي لا تدخل في المستوى الثاني ويضاف إليها الجامعات الخاصة.
إن تلك الجامعات وبالذات في المستويين الثاني والثالث وهي الأكثرية لا تزال تزخر بأعداد هائلة من المتعاقدين الذين يشكّل كثير منهم بكل أسف عبئاً على التعليم الجامعي وقد جيء بالكثير منهم لضرورات الحاجة واستمرارية العمل، ومن هنا تتعالى الأصوات لسد الحاجة من أبناء الوطن في التدريس في التعليم الجامعي وخاصة لما نعلم أن هناك العديد من المتعاقدين الذين يعملون في كليات أو جامعات وبخاصة تلك الناشئة وهم لا يحملون إلا درجة البكالوريوس وكثير منهم الماجستير والدكتوراه هذا من حيث العدد!! أما من ناحية النوعية والكفاءة فهذا شأن آخر يخرج عن إطار أو الكتابة في هذا المجال ولكن المتعارف عليه أن بعضها نوعيات غير مؤهلة وغير جديرة بالتدريس بالجامعات.
ويجب أن أقر بحقيقة الآن وهي أنه يجب أن لا يختلف أحد على أن مطلب سد الحاجة هو مطلب وطني مشروع وملح لجامعات طموحها كبير وبلدها جدير.
ولكي نحصر القضايا الرئيسية التي أرى من خبرتي كأستاذ ومشرف للدراسات العليا في عدة أقسام أو مناقش ومشرف لرسائل في عدة كليات وجامعات مختلفة أنها تنحصر فيما يلي:
1) قضية القبول في الدراسات العليا والمواصفات والشروط والإجراءات.
2) قضية التدريس في الدراسات العليا.
3) قضية الإشراف.
4) قضية المناقشة وتوابعها.
5) قضية مخرجات الدراسات العليا:
أ. المهارات المكتسبة لطلاب الدراسات العليا.
ب. الرسائل وأهميتها للباحثين وللعلم والوطن.
ولعل من المناسب التقديم لتعريف الدراسات العليا وطبيعتها وأهدافها قبل الخوض في تفاصيل العناوين السابقة.
فيذكر الأستاذ الدكتور عدي الخفاف من جامعة الكوفة في العراق في ورقة قدمت في المؤتمر السادس لعمداء كليات الآداب في اتحاد الجامعات العربية الذي انعقد في طرابلس بلبنان في نيسان 21 - 22 - 2007م بعنوان (الرسائل العلمية ترف أم حل للمشكلات؟) بأن الدراسات العليا معروفة كوسيلة لبلوغ ناحية العلم منذ عهد ليس بالقريب، فقد عرف عصر الإغريق مدارس سقراط وأفلاطون، وأرسطو التي تتلمذ فيها العديد من رواد الفكر والمعرفة. ويواصل الأستاذ الدكتور الخفاف النظرة التاريخية في العصر الإسلامي للدراسات العليا ويرى أن مراحلها كانت كالآتي:
- مرحلة الكتاتيب: وهي ما يشبه مدراس التعليم الأساسي: حيث التلقين والتربية ومن تستهويه صنعة العلم وينتقل إلى حلقات الدرس أمام العلماء المبتدئون فيتلقى على أيدهم مبادئ المعرفة، ومن يرغب في مواصلة الدراسة فيطلب منه أن يتقن اللغة العربية تحدثاً وقراءة وكتابة، فمن لا يقدر أن يتمكّن من اللغة لا يقدر على الفهم ومواصلة البحث، وإذا رغب الطالب مواصلة دراسته فينتقل من دراسة المقدمات إلى حلقات الاجتهاد وهي حلقات الدرس المعمّقة أمام العلماء والأئمة، وكأنه بذلك انتقل من مستوى الدراسة الجامعية الأولية إلى مستوى الدراسات العليا .. وهكذا يدخل ضمن هذه المراحل وبالذات في أواخرها الترجمات ونقل المعارف من عربي إلى أعجمي والعكس، كما برهن على ذلك العديد من الرواد والعلماء المسلمين الأوائل الذين كانت تدرس كتبهم في العديد من الجامعات الأوربية إلى عهد قريب ككتاب الطب لابن سينا الذي كان يدرس في الجامعات الأوروبية إلى وقت قريب.
ويكمل الدكتور الخفاف بهذه الخاتمة الهامة والمعبّرة على أن الجامعات الأوربية الأولى مثل كامبردج واكسفورد ومومبليه وروما استفادت من تقاليد المستنصرية والأزهر ومدرس القرويين والزيتونة وغيرها .. وهكذا نجد أن دراسات الاجتهاد (الدراسات العليا) هي الآليات التي أفرزت مجتمع العلماء والمفكرين وهي الأساس التاريخي في تطوير العلم وهي إلى اليوم تحمل هذا المدلول التاريخي.
¥