تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما جهود المحدَثين في هذا الباب، فلا يختلف حالها كثيراً عما قيل في تقويم جهود السابقين؛ فقد شاركوا بدورهم في تناول جوانب متنوعة من هذا الفن، بما ألفوه من كتب ومباحث متنوعة، ولكن لا أعلم في حدود جهودي المتواضعة بوجود مصنف مستقل بالصورة التي أشرت إليها سابقاً، على كثرة المصنفات التي سماها أصحابها بهذا الاسم الخاص ‘‘ تفسير القرآن بالقرآن ‘‘، أو ما يشبه ذلك.

وهي تفاسير غلب عليها هذا اللون من التفسير، كما تدل على ذلك عناوينها، ومادة بعضها أيضا. وهي:

ـ إما تفاسير في حاجة إلى فهارس تكشف عن مواضع هذا الفن المنثور بين طياتها، المغمور بين ما تحمله من علوم متنوعة ومسائل متشعبة، كأضواء البيان لمحمد الأمين الشنقيطي رحمه الله.

ـ وإما تفاسير أدبية بسيطة، تسجل تجارب أصحابها في تذوق نصوص القرآن، بعيدة عن الأسلوب العلمي المعروف في تفسير القرآن بالقرآن، كالتفسير القرآني للقرآن، لعبد الكريم محمود الخطيب.

ـ وإما تفاسير منحرفة مضلِّلة، توحي عناوينها بالتخصص والتعمق في هذا الفن، ولكنها بعيدة كل البعد عن هدي القرآن والسنة، ناتجة عن جهل مكين أو عداء دفين، كالهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن، للشيخ أبي زيد محمد، وقد أدرجه محمد حسين الذهبي ضمن ‘‘ اللون الإلحادي للتفسير في عصرنا الحاضر‘‘، والبيان بالقرآن، لمصطفى كمال المهدوي.

3 ـ تفرق عناصر هذا الفن في مصنفات ومباحث متنوعة لا تحمل عنوانه

إن ما يلاحظه المتتبع لهذا اللون من التفسير في مصنفات القدماء والمحدثين أن عناصره ومباحثه تفرقت وانتثرت في مصنفات ومباحث لا تحمل عنوان تفسير القرآن بالقرآن، بل واختلطت في أغلب هذه المصنفات بغيرها من المواد والعلوم. بحيث يجد المهتم بهذا اللون من التفسير ومباحثه وقواعده، مشقة كبيرة؛ أولاً: في الاهتداء إلى مظانه، وثانياً: في الظفر بما يريده من هذه المظان. وهكذا نجد تفسير القرآن بالقرآن قد تفرق في ما ألفوه من كتب الوجوه والنظائر، وكتب مبهمات القرآن، وكتب تأويل المشكل والمتشابه، وكتب توجيه الآيات المتشابهة، أي المتماثلة، وكتب علم المناسبة، وكتب توجيه القراءات، وكتب الناسخ والمنسوخ، وكتب التفسير الموضوعي، والتفاسير المصنفة حسب ترتيب المصحف.

ومن يطلع على كتب علوم القرآن يلاحظ أن أصحابها لم يزيدوا على هذا سوى أن جمعوا هذه العلوم المفردة بالتصنيف في أبواب خاصة، تحدثوا عنها باختصار، فنجد مثلا: بابا في علم الوجوه والنظائر، وبابا في علم المناسبة، وهكذا في بقية العلوم .. ولكن دون بيان محل هذه المباحث من هذا النوع من التفسير، أو ما يمكن أن يستفيده المفسِّر منها في تفسير القرآن بالقرآن.

وما ورد في كتب علوم القرآن وقواعد التفسير من الإشارة إلى قيمة هذا اللون من التفسير، وبيان وجوهه، لا يعدو أن يكون حديثا عابرا غير واف بالموضوع، أو حديثا عن جزئية من جزئياته،

ولكن بدون ربط ينتظم الفروع تحت أصولها في بناء علمي واضح.!

4 ـ الشعور بحاجة الموضوع إلى دراسة عميقة

من كل ما تقدم يأتي الشعور بالحاجة إلى ثلاث دراسات عميقة في هذا الباب:

أولاهن: دراسة تاريخية لنشأة هذا النوع من التفسير وتطوره، تهدف إلى تحقيق أمرين:

1 ـ تتبع هذا الفن من عهد النشأة إلى يومنا هذا، مع بيان وجوه العناية التي حظي بها.

2 ـ الوقوف على أهم المصنفات التي عنيت به، مع بيان الجوانب التي طرقتها منه.

ثانيتهن: دراسة نظرية، تهدف إلى تحقيق أمرين آخرين:

1 ـ جمع جميع وجوه تفسير القرآن بالقرآن ـ قدر الإمكان ـ، وتصنفيها تصنيفا علميا دقيقا، حسب المباحث التي تنتمي إليها.

2 ـ دراسة هذه الوجوه دراسة نظرية، ترمي إلى شرحها، وبيان قيمتها في تحقيق معاني النص القرآني، مع ذكر ما يكفي من الأمثلة الموضحة لكل وجه على حدة.

ثالثتهن: دراسة تصنيفية، تهدف إلى تحقيق أمرين آخرين:

1 ـ جمع جميع النصوص التي فيها تفسير القرآن بالقرآن من أهم مظان هذا العلم.

2 ـ تصنيفها حسب ترتيب المصحف.

فالدراسة الأولى دراسة تاريخية، تمكن المهتمين من معرفة تطور العناية بهذا الفن، عبر مراحله المختلفة، والوقوف على أهم المصنفات التي عنيت به، والجوانب التي طرقتها منه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير