أي ما خلقنا السماوات و الأرض و ما بينهما من العوالم و المخلوقات إلا بالحق و لحكم عالية و ليس من باب العبث و اللعب و إلا بأجل مسمى و هو وقت إفنائهما و إنهاء وجودهما لاستكمال الحكمة من وجودهما. (و الذين كفروا عما أنذروا معرضون) فيخبر تعالى بأن الذين كفروا بتوحيد الله و لقائه و رسوله و عما خوفوا به من عذاب الله المترتب على كفرهم و تركهم معرضون غير مبالين به, و هذا هو كفر الإعراض الذي هو من أنواع الكفر كما نص على ذلك شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في بيان نواقض الإسلام.
(قل أرءيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين)
الاستفهام في قوله تعالى (قل أرءيتم) استفهام تقريري بمعنى: أخبروني أيها المشركون العابدون مع الله غيره شركاءكم الذين تدعون من دون الله (أروني ماذا خلقوا من الأرض) أي أرشدوني إلى المكان الذي استقلوا بخلقه من الأرض (أم لهم شرك في السماوات) أي و لا شرك لهم في السماوات و لا في الأرض و ما يملكون من قطمير فإن الملك و التصرف كله لله عز و جل فكيف تعبدون مع الله غيره؟ (ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين) أي هاتوا كتابا من كتب الله المنزلة على الأنبياء عليهم السلام يأمركم بعبادة هذه الأصنام أو هاتوا أثارة من علم أي (دليل بين على هذا المسلك الذي سلكتموه سواء كان خطا أو بقية من علم فإنكم لن تجدوا ذلك, و قد قرأ بعضهم (أثرة من علم) أي علم صحيح تؤثرونه عن أحد ممن كان قبلكم (إن كنتم صادقين) فلا دليل لكم لا نقليا و لا عقليا على ذلك الذي تزعمونه.
و اعلم أن الأثارة تعددت معانيها عند المفسرين فمنهم من قال أنها الخط و منهم من قال أنها بقية من علم و الصحيح الذي اختاره ابن جرير و ابن كثير أن هذه الأقوال متقاربة المعنى و المعنى (دليل بين على هذا المسلك الذي سلكتموه).
(و من أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة و هم عن دعائهم غافلون)
أي لا أضل ممن يدعو من دون الله أصناما و يطلب منها ما لا تستطيعه إلى يوم القيامة و هي غافلة عما يقول لا تسمع و لا تبصر و لا تبطش لأنها جماد حجارة صنم ,و الإستفهام هنا للإنكار و التعجب معا.
فيا عجبا لمن يدعو هذه الأصنام التي لا تسمع و لا تبصر و لا تضر و لا تنفع و يترك عبادة ملك الملوك الذي بيده ملكوت كل شئ, فهذا أحدهم سأله النبي صلى الله عليه و سلم:كم تعبد؟ قال: سبعة, ستة في الأرض و واحد في السماء, فقال له صلى الله عليه و سلم: من لرغبك و رهبك؟ قال:الذي في السماء. فقال له: فادع الذي في السماء و اترك الذي في الأرض.
file:///C:/DOCUME%7E1/pc/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif:
1: بيان إعجاز القران الكريم و ذلك في الحروف المقطعة التي هي من جنس ما يتكلم به العرب الفصحاء و هذا فيه إعجاز لهم.
2:أن القران منزل غير مخلوق ,و أما من قال أنه مخلوق كالجهمية فقد روي عن جماعة من السلف تكفيرهم كأحمد بن حنبل و ابن المبارك و سفيان بن عيينة و عبد الله بن ادريس و وكيع بن الجراح و غيرهم كثير, و تكفيرهم نص عليه العلامة حافظ الحكمي رحمه الله في كتابه (أعلام السنة المنشورة في اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة).
3:انتفاء العبث عن الله عز وجل في خلقه السماوات و الأرض و ما بينهما.
4:تقرير حقيقة و هي:من لا يخلق لا يٌعبد.
4:بيان أنه لا أضل في الحياة من أحد يدعون من لا يستجيب لهم أبدا كمن يدعون الأصنام و القبور و غيرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
1427هـ