و هذا القرب من كمال ربوبيته عز و جل فالعلماء يقولون (ربنا قريب في علوه, علي في دنوه) , و لا يتبادر إلى الأذهان قول الحلولية أو الوجودية من أن الله حال في خلقه أو أنه هو كل المخلوقات, بل هذا الكفر الصراح, و الفرق بين الحلولية و الوجودية أن أهل الحلول يقولون بالانفصال بين الخالق و المخلوق لكن الله تعالى عن قولهم حل في مخلوقاته, و أما أهل وحدة الوجود فيقولون أن كل الموجودات هي الله و لا يرون بالانفصال بين الخالق و الخلق, و هذه الفرقة من أكفر أهل الأرض و يتولى كبرهم ابن عربي و ابن الفارض و ابن سبعين و التلمساني و غيرهم ..
*و لأن الله قريب من عباده فهو يجيب دعواتهم إذا دعوه , و لكن هذه الاية مخصصة بقوله تعالى (فيكشف ما تدعون إليه إن شاء) فإجابة الدعوة معلقة بالمشيئة و لكن العبد لن يعدم من هذه الدعوة خيرا, فإنه في عبادة أولا لأن الدعاء هو العبادة في حديث صحيح , و مخ العبادة في حديث اختلفوا فيه, و ثانيا: إما أن تجاب دعوته , و إما أن يصرف عنه شر منها, و إما أن تدخر له يوم القيامة ...
*لعل في قوله تعالى (فإني قريب) ثم (أجيب دعوة الداع إذا دعان) دليل على أن الإنسان عليه أن يبدأ في دعاءه بالثناء على الله تعالى , فالله عز و جل قبل أن يذكر أنه يجيب دعوة الداعي , أخبر أنه قريب و هذه صفة مدح له تعالى, فعلى هذا قبل أن يدعو الإنسان ربه الأولى له أن يبدأ بذكر محامده تعالى و هذا معروف من أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم (اللهم فاطر السماوات و الأرض عالم الغيب و الشهادة أن تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني .... ).
* أمر الله تعالى أن يستجيب له عباده بأن يدعوه و يعبدوه و يؤمنوا به تعالى ..
*و لفظة (فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي) هي من صيغ الأمر عند الأصوليين).
*قوله تعالى (لعلهم يرشدون) لعل هنا سببية فسبب الرشاد هو الاستجابة لله و الإيمان به ..
* و لعل مما يؤكد على الصلة الوطيدة بين الصيام و الدعاء أنه و بعد هذه الاية رجع السياق إلى ايات الصيام فقال تعالى (أحل لكم ليلة الصيام ... )
*لعل هذه الاية كانت فاصلا رائعا تدل على أنه ينبغي للعبد أن يقصد بجميع عباداته وجه الله و ألا ينسى من التوجه إلى ربه بقلبه و قالبه , و ألا تلهيه مسائل الفقه_مع أهميتها_ عن عبادات القلوب, و ذلك لأنه في الآيات السابقة قبل هذه الاية ذكر الله تعالى فضل رمضان و الصيام و أحكام الرخص في الصيام كالسفر و المرض و كفارة ذلك, ثم بعد هذه الاية ذكر المفطرات التي تفطر الصائم من جماع و أكل و شرب, و وقت الإمساك و وقت الإفطار, فتنبه ..
10/ 1/1431