وهذا المنهج هو أن الواقعة إذا كان لها حكم شرعي لوصف تتصف به فإن هذا الوصف إذا وُجد في واقعة أخرى بصورة أقوى فإنها تأخذ نفس الحكم من باب الأولى 0
============
وقد يسأل سائل:ولماذا اتبع أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه – هذا المنهج في الاستدلال وأعرض عن ذكر الحديث الذي فيه " الفضة بالفضة "؟!!!
وأقول للسائل: نحن الآن اتفقنا على أننا نناقش منهج الاستدلال الذي اتبعه أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه – وهو أنه استنتج حكم الفضة بالفضة من خلال حكم التمر بالتمر
أي أنه قاس الفضة بالفضة على التمر بالتمر
فهذا هو صريح النص الذي في صحيح الإمام مسلم
والسؤال الآن:لماذا لم يستدل أبو سعيد الخدري بحديث الفضة بالفضة؟!!
والجواب:
هناك احتمالات لذلك: منها أنه – رضي الله عنه - حين سُئل لم يحضر بباله حديث " الفضة بالفضة " , أي أنه نسيه
و قد أقر الإمام ابن حزم وقوع النسيان من الصحابي أحيانا لما بلغه أو رواه من النصوص الشرعية
حيث قال في كتابه " الإحكام ":
يقول تعالى {فإذا نسلخ لأشهر لحرم فقتلوا لمشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وحصروهم وقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا لصلاة وآتوا لزكاة فخلوا سبيلهم إن لله غفور رحيم} فلم يبح الله تعالى لنا ترك سبيلهم إلا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فهذا الذي حمل أبا بكر على قتالهم ...
وقد عارض الصحابة أبا بكر بقول النبي صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ..
ونسوا رضي الله عنهم الآية التي ذكرنا آنفا في براءة وكلهم قد سمعها لأنها في سورة براءة التي قرئت على الناس كلهم في الموسم في حجة أبي بكر سنة تسع
وفي الجملة أيضا أبو هريرة وابن عمر وكلاهما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بقتال الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ... ولكن ليس كل أحد يحضره في كل حين ذكر كل ما عنده
ها هو الإمام ابن حزم يقر ويعترف بأن الصحابي قد يغيب عن ذهنه – أثناء المناقشة – الحديث الذي رواه بنفسه
وهذا هو صريح قوله:
ونسوا رضي الله عنهم الآية ..
وفي الجملة أيضا أبو هريرة وابن عمر وكلاهما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بقتال الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ... ولكن ليس كل أحد يحضره في كل حين ذكر كل ما عنده
وهذا الاحتمال قوي جدا , ويؤيده ويدل عليه ما رواه الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح (الرواة ثقات والإسناد متصل):
عن أبي نضرة قال قلت لأبي سعيد أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهب بالذهب والفضة بالفضة قال سأخبركم ما سمعت منه: جاءه صاحب تمرة بتمر طيب وكان تمر النبي صلى الله عليه وسلم يقال له اللون قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين لك هذا التمر الطيب قال ذهبت بصاعين من تمرنا واشتريت به صاعا من هذا قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أربيت قال ثم قال أبو سعيد فالتمر بالتمر أربى أم الفضة بالفضة والذهب بالذهب
فقول أبي سعيد الخدري:
سأخبركم ما سمعت منه
قوله هذا فيه دلالة قوية وصريحة في أن هذا الدليل هو الذي كان حاضرا في ذهنه حين سُئل
ونحن لسنا في حاجة إلى ذكر الاحتمالات التي دفعت أبا سعيد الخدري – رضي الله عنه – إلى اتباع منهج القياس في الاستدلال
فالذي يهمنا هو أن النص صريح في أنه اتبع هذا المنهج , ولم يُنكر عليه أحد من الصحابة
==========
يتابع ..
ـ[نصر الدين المصري]ــــــــ[28 - 08 - 06, 06:06 ص]ـ
أخوتى الكرام ....
أرى والله أعلم أن هذه المناقشة غير سليمة من الأساس ... فما تقومان به لن يصل إلى شئ ومن الناحية المنهجية أخطأ الأخ الفاضل نصر الدين المصرى فالأصل فى الشرع من ناحية القطع أنه الكتاب والسنة الصحيحة .. ومن يذكر أصلاً ثالثاً للتشريع عليه بالدليل.
لذا على الأخ نصر الدين أن يتمسك بالأصل وعلى الأخ أبو اسلام أن يثبت صحة ما وصل إليه بالأدلة الوافية فإذا اعترض نافى القياس فليعترض على أدلة المثبت للقياس ... وإلا سندور فى حلقة مفرغة إلى ما لا نهاية
ونصيحة للأخوين الكريمين ومن يناقش هذه المسائل ((الخلاف فى نفى القياس وإثباته وباقى الأدلة بخلاف الكتاب والسنة والاجماع لن ينتهى إلى يوم القيامة وليس نحن من سيحسم هذه المسائل فى عصرنا المتأخر ..... لذا أوصى بالتراحم والرفق واخلاص النية .... ولعلمكم الخلاف هذا بلا ثمرة فمن ينفى القياس سيجد الحكم لأى مسألة فى عمومات النصوص ... والخلاف هين إلى حد كبير كما قال الشوكانى فحسب علمى أن فضيلة الدكتور أبو اسلام لا يأخذ إلا بالقياس المنصوص على علته ... فالخلاف بينكما لفظى إلى حد كبير))
والتناظر الذى ينبغى عمله هو بين من يتوسع فى القياس كالأحناف وبين من ينفى القياس والعلة كالظاهرية ... أما هنا فما فهمته أن المناقشة بين نافى للقياس الخفى ويقر فى نفس الوقت بالمنصوص على علته (نصر المصرى-وهو مخالف للظاهرية النافين للعلل) وبين مقر بالقياس المنصوص على علته ويسكت عن القياس الخفى (أبو اسلام-وهو مخالف للأحناف فى طريقة القياس)
لذا فالطرفان غير مقبول منهما التناظر فى شيء يختلفان فيه لفظياً والتناظر الذى ينبغى عمله هو بين من يتوسع فى القياس كالأحناف وبين من ينفى القياس والعلل كالظاهرية.
أخي أبو الفضل
أقيسة العلة المنصوص عليها لا تتجاوز 1% من مجمل أقيسة القياسيين. فالخلاف ليس لفظيا كما تظن.
ونحن لن نستطيع أن نحسم الخلاف في القياس بين أهل الأرض قطعا، و لكن قد نحسمه بيننا أو بين أكثرنا ممن يشكون فيه و يترددون بين الفريقين.
¥