ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 10:12 ص]ـ
لا حرب ولا سلم في أبخازيا
ماتيلد داموازيل وريجيس جانتي*
Mathilde Damoisel et Régis Genté
كانت تسمى جوهرة البحر الأسود. أبخازيا، المنطقة السياحية المميزة في الزمن السوفياتي بدا وكأن نصيبها العيش في منأى عن الاضطرابات. لكن بعد مضي عشر سنوات على الحرب التي واجهتها مع جورجيا في العامين 1992 ــ 1993، تصمد جنة القوقاز الصغيرة في ظل سلم موقت مدافعةً عن استقلال قائم "بحكم الواقع" لا يحظى باعتراف المجتمع الدولي.
لقد تسببت المعارك بسقوط 000 10 قتيل وبتشريد 000 200 لاجئ جيورجي لا يزالون يقيمون في جورجيا في مراكز استقبال موقتة وبدون أمل حقيقي في العودة. كما أن الجراحات في الجهة الأبخازية لا تزال نازفة، فآثار الحرب بادية في كل مكان ولا تزال البنى التحتية مدمرة. وعلى عدد سكان لا يزيد على 000 180 نسمة هناك 10 في المئة يتكلون على المساعدات الدولية. فبعد عشر سنوات على توقف القتال لم يتم التوصل الى الاتفاق على أي تسوية بين جورجيا وأبخازيا.
في العام 1989، مع ازدهار الدعوات الى الاستقلال المرافقة للبريسترويكا، لم تكن أبخازيا الا جمهورية ذات حكم ذاتي تابعة لجورجيا، وذلك منذ العام 1931 عندما غيّر ستالين من وضعها المساوي حتى ذلك الوقت لوضع جورجيا. وفي 18 آذار/مارس عام 1989 طالبت الحركة الوطنية الأبخازية "ايدجيلارا" (الوحدة) "بالانفصال عن جمهورية جورجيا".
وقد ردت تبيليسي فوراً على محاولة "الانفصال" هذه. ففي الواقع يشكل الجورجيون المجموعة الاتنية الكبرى في المنطقة (1). وبحسب ما يلاحظ جورج شاراتشيدزي ان اعمال العنف من هذا الفريق وذاك تعكس "الحالة المرضية في الوعي التاريخي التي اصابت مجمل شعوب الاتحاد السوفياتي. فالهوس نفسه لازم الجورجيين والأذيريين، وهو استعادة الماضي المدوخ جهاراً، وهو امتياز من شأنه تشريع استبعاد الأقليات الأبخازية والأرمنية المفترض ان تكون أقل تمتعاً بالحقوق في ظل هذا النوع من العلاقات (2). وسرعان ما عمت التظاهرات الداعية الى الاستقلال. وفي 9 نيسان/أبريل فرّقت القوات السوفياتية المتظاهرين بالقوة موقعةً 21 قتيلاً.
وتكرست القطيعة بين جورجيا والجمهورية التابعة لها بسبب تضارب المصالح بينهما. ولم تكف أبخازيا عن المطالبة بسيادتها مع طرحها احتمال إقامة علاقات فيديرالية مع تبيليسي، اما جورجيا فأدرجت تحررها من النظام السوفياتي في إطار الدفاع عن وحدة أراضيها.
في 6 كانون الثاني/يناير عام 1992، اطاح أنقلاب السيد زياد غمساخورديا، الذي أغاظ خطابه القومي والتسلطي المعارضة. وفي آذار/مارس، استدعي الى جورجيا السيد ادوارد شيفاردنادزه، وزير الخارجية سابقاً في عهد السيد غوباتشيف، لترؤس البرلمان الموقت. ومنذ تموز/يوليو قبلت الجمهورية المستقلة في الأمم المتحدة وفي البنك الدولي.
إلا ان المعارك انفجرت في اوسيتيا الجنوبية، الجمهورية الأخرى ذات الحكم الذاتي التابعة لجورجيا، وباتت حركة غمساخورديا تشكل خطراً. وفي ظل هذه الظروف المضطربة عمد مجلس السوفيات الأعلى في ابخازيا، برئاسة السيد فلاديسلاف أردزينبا، وفي غياب النواب الجورجيين، الى إعادة العمل، في 23 تموز/يوليو، بالدستور الأبخازي العائد للعام 1925، مشرعاً العودة الى الوضع الذي كان قائماً في العام 1931.
وقد اندلعت الحرب فعلاً في 14 آب/أغسطس عام 1992. فبذريعة حماية خط السكك الحديد وتحرير الرهائن، دخل الحرس الوطني الجورجي أبخازيا، أما في الواقع فقد كانت الغاية إلغاء دور "الانفصاليين". واستمرت المعارك حتى 27 أيلول/سبتمبر عام 1993. وبدعم متطوعين من اتحاد شعوب شمال القوقاز (بينهم لواء تابع للرئيس الشيشاني شامل باساييف) وخصوصاً من الجيش الروسي الذي أرسل فوجاً من فرقة المظليين 104، استعادت القوات الأبخازية عاصمتها سوخومي. مما حمل غالبية الشعب الجورجي في أبخازيا تقريباً على الفرار.
¥