جمهورية القراشاي ـ شركس
الأديغة
[أبخازيا]
أوسيتيا الجنوبية
أين الحل؟
توطئة
تفكَّكَ الاتحاد السوفيتي في 21 كانون الأول 1991 بموجب محادثات "المآت" (المآت هي عاصمة كازاخستان). فتشتت ملايين الناس الذين حرموا حريتهم و رضوا بالكفاف سنين طويلة متخلصين من كماشة الاقتصاد المغلق الذي لم تفلح محاولات إنعاشه بأي شكل، منتشرين في أنحاء الأرض. إن شدة هذا التغيير قد هزّت الكيان الروسي بأسره. في هذه الأثناء سارعت خمس عشرة جمهورية كبيرة إلى إعلان استقلالها. أما مناطق الحكم الذاتي والجمهوريات المتبقية فقد شكَّلت تحت ضغط من روسيا "الفدرالية الروسية"
ثم شكلت الجمهوريات المستقلة ـ و بضغط من روسيا أيضا ـ مع "الفدرالية الروسية ما يسمى "برابطة الدول المستقلة"
لقد تشكَّلت الكيانات الجديدة هذه بصورة سقيمة معتلة، لأن التغيير كان أسرع من أن يهضم. مما سبب عدم الاستقرار في الأراضي السوفيتية، و لا سيما في منطقة القفقاس. أما دول ما وراء القفقاس الثلاثة (جورجيا، أذربيجان، أرمينيا) و التي سبق أن أعلنت استقلالها لم تستطع أن تتفادى الحروب التي حرَّضتها روسيا عليها فأجبرت ـ و كما كان متوقعا ـ على الانضمام إلى رابطة الدول المستقلة بقيادة روسيا، حتى تتخلص من شراك الحرب التي دفعت إليها
و هكذا اضطرت أرمينيا أن تسمح بإنشاء ثلاث قواعد عسكرية روسية على أراضيها، و كذلك اضطرت جورجيا هي الأخرى أن تسمح بإنشاء أربع قواعد على أراضيها. إلا أن هذا لم يضع حلولا جذرية لمشاكل بلدان ما وراء القفقاس. و بإسدال روسيا الستار على المنطقة أصدر أمر وقف إطلاق النار، أما بقية المشاكل فقد جمّدت إلى أجل غير مسمى
بينما كان يحدث هذا في ما وراء القفقاس، كان القفقاس قد بدأ بالسخونة و منذ أمد بعيد
أصل المشكلة
ما هو منشأ المشاكل في القفقاس؟ لهذا السؤال الكثير من الإجابات التي يتمم بعضها البعض. إنه لمن المعروف حقا أن سبب الجرح النازف في المنطقة هو روسيا التي لا تستطيع كبح جماح رغباتها اللامتناهية. لطالما شكلت كل من تركيا و إيران عائقا أمام رغبة روسيا الدائمة بالنزول إلى البحار الدافئة منذ عهد "بيترو الأول"
و لطالما اصطدمت روسيا وجها لوجه مع منافسيها التاريخيين تركيا و إيران، إلا أنه في بداية القرن الثامن عشر فقدت كل من تركيا (العثمانيين سابقا) و إيران وزنها السياسي بين دول العالم، و لم تعد تشكل ذلك العائق في وجه تدخلات روسيا في القفقاس. و عندما لم تبد الدول الغربية الممتدة بمحورها الاستراتيجي من الشرق إلى الغرب أي اهتمام بالمنطقة، انفسح المجال أمام روسيا و أقدمت على احتلال القفقاس دون أن يكون هناك أية قوة لتردعها. و بكل بساطة تصف اليوم تلك الأراضي التي أبقتها تحت الاحتلال ما يزيد على 130 سنة بأنها "حديقتي الداخلية"
و هذا حرفيا ما عبّر عنه الرئيس الروسي بوريس يلتسن بصراحة مطلقة في بيان له في المجلس العام للأمم المتحدة بتاريخ 26/ 9 / 1995 ": ينبغي ألا ننسى أبدا أن هدف روسيا سواء في الفترة القيصرية أو في الفترة البلشفية أو ما بعدها لم يتغير ألا و هو: النزول إلى البحار الدافئة ... "
و طالما أن روسيا تحمل تلك المطامع فإنه لا يمكن للقفقاس ـ و هو يمثل الباب المفتوح لروسيا على الجنوب ـ أن يهنأ له عيش. و هناك منشأ آخر للمشاكل و هو ما خلفته روسيا في القفقاس من اقتصاد متداع. كذلك توجد معضلة أخرى تكمن في غنى الأراضي القفقاسية بثرواتها الباطنية من بترول و فحم و غيرها و ثرواتها الظاهرية من ثراء الطبيعة و هي ما يسيل لها اللعاب
لذا تتسابق كل البلدان القريبة من هذه المنطقة لأخذ حصتها من تلك الثروات و لا تود رفع أيديها عنها. لكن إذا ما افترضنا أن كل تلك المشاكل المتشابهة التي ذكرناها و التي لم نذكرها ممكنة الحل، و إذا ما تركناها جانبا فإننا نرى أن أكثر المشاكل عمقا إنما هو البنية العرقية و السكانية للقفقاس
¥