تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا ما فصلنا أرمينيا و أذربيحان الواقعتين ما وراء القفقاس (معتبرين كلا من أبخازيا و أوسيتيا الجنوبية من المجموعات العرقية القفقاسية، و هاتين المنطقتين من جورجيا فقط تدخلان ضمن مقالنا هذا) و ألقينا بنظرة إلى تلك البنية العرقية و السكانية لرأينا بوضوح مدى فداحة المشكلة. يعيش في القفقاس أكثر من خمسين مجموعة عرقية، موزعة في تسع جمهوريات و مناطق ذات حكم ذاتي. فمن خلال سياسة التوطين المدورس المتبعة في زمن الشيوعية و خصوصا في فترة حكم ستالين برزت في الجمهوريات الصنعية المتشكّلة تنظيمات سكانية كثيرة إلى الحد الذي جعل من القفقاس "حقل ألغام عرقية". و بتعداد المناطق من الشرق إلى الغرب على التوالي: داغستان، الشيشان، أنغوشيا، أوسيتيا الشمالية، القبردي ـ بلقار، القراشاي ـ شركس، الأديغة، أبخازيا، أوسيتيا الجنوبية يمكننا تلخيص المشاكل العرقية التي تعيشها هذه المناطق القفقاسية كما يلي

داغستان

يعيش في داغستان أكثر من ثلاثين مجموعة عرقية و يبلغ عدد سكانها مليونا و ثمانمائة ألف نسمة، منها 32 % آفار، 15 % دارغين، 11,6 % ليزغي، 4 % تاباساران، 12 % قموق، 8 % نوغواي، 4 % أذربيجان، 3,2 % روس أما ما تبقى فهو من المجموعات الأخرى. و حتى في القرية الداغستانية الواحدة توجد مجموعات عرقية مختلفة. إن غنى داغستان بالغاز الطبيعي لم يشكل مشكلة عرقية إلا أنه يبقى هناك دائما احتمال لحدوثها

إذ أن اقتسام موارد الأراضي الغنية و نيل النفوذ السياسي يحرّض على نزاعات عرقية ما بين الليزغي، القموق، الدارغين، النوغواي، التاباساران. و تقف هذه المجموعات في وجه الآفار ـ الذين هم أكثر الفئات عددا ـ و تطلب "حكما ذاتيا"، كل يدافع عن سياسته القومية. و جميع تلك الفئات من أكبرها إلى أصغرها مسلّح

إن الحصول على سلاح في داغستان أمر سهل، ففي ضيعة خاساف يورت الداغستانية تباع الكلاشينكوف بمائتين و خمسين دولارا و المسدسات بمائة و عشرين دولارا في السوق المفتوح. و ليس غريبا أن تحصل مشادة بين عائلتين مختلفتين في انتمائهما العرقي فتكون مقدمة لنزاع داخلي حاد في داغستان. و المجموعة الوحيدة التي أفصحت عن رغبتها بالانفصال عن الجمهورية هي الليزغي و تتواجد في جنوب داغستان و شمال أذربيجان. فقد شكّل لزغيُّو أذربيجان الذين يريدون الحكم الذاتي منظمة إرهابية تحت اسم "سادورال" يقوم مناصروها بعمليات استفزازية كأعمال التخريب و تفجير القطارات

إن متعقبي الموضوع يبينون أن لروسيا إصبعا في تلك الأحداث ذلك أنها ترى أن عدم الاستقرار في المنطقة يخدم مصالحها. إذ يُراد التضييق على أذربيجان بحرب " قرا باغ " التي دوّختها من جهة، و بالأقلية من الليزغي في الشمال من جهة أخرى، و بحركات تاليش من جهة ثالثة. كل هذا لكي تقبل أن تمنح روسيا قاعدة عسكرية على أراضيها

إن الإسلام هو الدين الغالب في داغستان و له قوة مُوحِّدة قد منعت حتى الآن حدوث ما هو أسوأ من ذلك

الشيشان

قبل حرب عامي 1994 ـ 1996 التي خاضها الشيشانييون ضد روسيا و التي انتهت بنصر مشرّف كان عدد الشيشانييون 735 ألف نسمة. أما القسم الآخر من السكان فهم 200 ألف من الروس، 100 ألف من الأنغوش و اليهود و غيرهم. لكن الحرب قد غيّرت البنية السكانية بشكل كبير، فقد ترك قسم كبير من الروس المنطقة و التجأ عشرات الآلاف من الشيشانيين الذين بقوا بدون بيت و بدون أهل إلى الجمهوريات المجاورة

فالبلد قد أصبحت خرابا من أولها إلى آخرها و توقفت كل النشاطات الاقتصادية و أصبح الناس يعيشون كل يوم بيومه. و حتى وقت قريب لم يُعمل على تشكيل مؤسسات للدولة (يجب التوضيح هنا أن "أصلان مسخدوف" الذي تم انتخابه لرئاسة الدولة قد قام بتوحيد كلمة السلطة في المستويات العليا للدولة و ذلك بضم منافسيه السياسيين في الانتخابات "شامل باساييف" و "موفلادي أودوغوف" إلى الحكومة). الجميع في الشيشان من الصغير إلى الكبير مسلّح و لا يوجد سلام و أمان على الروح

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير