تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رد شيفرنادزة على إعلان المسلمين الاستقلال بإرسال عشرات الآلاف من الجيش الجورجي لاحتلال أبخازيا وعاصمتها سوخومي، واحتج وقتها بحماية الأقليات الجورجية والروسية، واستطاعت القوات الجورجية احتلال العاصمة الأبخازية سوخومي عاصمة الإقليم وبعض المراكز الساحلية الهامة وفرت القوات الأبخازية إلى الشمال على الحدود الروسية.

نجحت القوات الجورجية في إعادة تجميع نفسها وتشكيل جيش قوي نجح في خوض غمار حرب طويلة مع الجيش الجورجي، وانضم إلى القوات الجورجية متطوعو شمال القوقاز وجلهم من الشيشان، ونجحت القوات الأبخارية في حصار وطرد هذه القوات الجورجية، واستعادة سيطرة المسلمين على أراضيهم وبلادهم في سبتمبر 1992م، غير أنه منذ ذلك الوقت لم تعترف دولة واحدة باستقلال أبخازيا.

وعلى الرغم أن هذه الحرب السابقة ألحقت خسائر فادحة بالمسلمين في الأرواح والبنية التحتية إلا إن من أهم مكاسبها هو أن الآلاف من الجورجيين الذين استوطنوا الإقليم تركوه مما أعاد الغلبة في الإقليم للأبخاز المسلمين من جديد.

حجم الوجود الإسلامي في جورجيا وأبخازيا:

تقدر المصادر الجورجية والعالمية حجم المسلمين في منطقة جورجيا وما حولها من جمهوريات بقرابة نصف مليون مسلم، وهي ما يمثل 10% من عدد سكان جورجيا والجمهوريات المحيطة بها، وهذه النسبة نرى أنها أقل من النسبة الحقيقية للمسلمين في المنطقة، ولكن لابد أن نشير إلى أن المسلمين تمركزوا بشكل كبير في ثلاث مناطق أبخازيا وآجاريا وأوسيتيا الشمالية (التابعة لروسيا) وتوجد نسبة كبيرة منهم في أوسيتيا الجنوبية.

وهذه المناطق الأربعة هي الأقاليم الأربعة التي تسعي الحكومة الجورجية إلى استعادتها وإخضاعها لسيادتها.

وإذا كان المسلمون متمركزون في هذه الأقاليم، فإن نسبتهم في جمهورية "آجاريا" الخاضعة حاليا لجورجيا لا تقل عن 90%، بينما تزيد نسبتهم في جمهورية "أبخازيا" عن 50% وليس صحيح ما تذكره بعض المواقع (موقع الجزيرة نت) أن نسبتهم في جمهورية أبخازيا 10% فقط، لأن تلك هي نسبتهم في جمهورية أوسيتيا الجنوبية ذات الوجود النصراني بعكس جمهورية أوسيتيا الشمالية ذات الوجود الإسلامي الكبير.

(يراجع في هذه النقطة: كتاب المسلمون في آسيا الوسطي والقوقاز، مصطفى دسوقي كسبة، وكتابه كذلك عن الشيشان).

موقف القوى الدولية من مسلمي المنطقة:

نشير في هذه النقطة إلى موقف القوى الإقليمية والدولية من مسلمي المنطقة، وهو كما يلي:

1 - جورجيا:

حاربت جورجيا المسلمين قديمًا وعملت على طمس هويتهم ولا تزال تمارس جورجيا هذه الحرب ضد المسلمين، خاصة وأن النظام الجورجي الحالي جوهر مشروعه هو استعادة جورجيا الكبرى بأقاليمها الأربعة (والتي تشمل أبخازيا وأجاريا).

ولابد أن نشير إلى أن النظام الحالي لا يختلف على عن نظام ادوارد شيفرنادزة الذي صرح وزير خارجيته إبان الحرب الجورجية – الأبخازية عن أن بلاده على استعداد للتضحية بـ 100 ألف جورجي لقتل 100 ألف مسلم أبخازي، وترك الأمة الأبخازية المسلمة دون ذرية أو هوية.

كما أن النظام الحالي المدعوم أمريكيًا، استغل الحرب على الإرهاب لاضطهاد وتعذيب المسلمين في شتى الأقاليم المنفصلة عن جورجيا، حيث يبرر الزعماء الجورجيين أمام العالم ما يقومون به بأنه حرب على الإرهاب، وقد أدت حملات الاضطهاد المستمرة إلى تدهور أحوال المسلمين في جورجيا، الذين بقوا أسرى الفقر والتهميش علاوة على قلة الوعي الديني لديهم، نتيجة افتقادهم الواضح للمؤسسات الدينية، وعدم قدرتهم على تشييد مساجد ومراكز إسلامية لزيادة وعي أطفالهم وشبابهم بتعاليم الدين.

ويعد الرئيس الجورجي الحالي ميخائيل سكاشفيلي، من أبرز المناهضين للإسلام والمسلمين في البلاد، فهو الذي شن الحرب على أصلان آباشدزه رئيس جمهورية أجاريا المسلمة؛ لكي يبعده عن جورجيا؛ لأنه كان مسلمًا ويسعى إلى أسلمة الإقليم ويدعم الفكر الاستقلالي.

2 - روسيا:

أما روسيا فإن موقفها من المسلمين في الاتحاد السوفيتي السابق واضح وجلي فهي لا ترضي إلا بمسلمين خاضعين لها ولسلطانها كما هو الحال في الشيشان، أما تأييدها لأبخازيا فإنما ذلك نكاية في جورجيا التي ارتمت في أحضان أمريكا، ونشير هنا إلى أن الرئيس الجورجي السابق شيفرنادزة عندما أراد أن يميل تجاه واشنطن دعمت موسكو أبخازيا وقتها بالأسلحة، غير أنه لما عاد إلى الحظيرة الروسية انقلبت موسكو على أبخازيا ولم تعترف بها دولة مستقلة حتى الآن.

فروسيا لم تدخل هذه الحرب دفاعًا عن المسلمين أو نصرة لهم إنما هي تستغل قضيتهم لتحقق أغراضها وأهدافها.

3 - أمريكا:

أما أمريكا والتي يعتقد البعض أنها تهدف من دعم جورجيا النكاية في روسيا، ولكن هناك هدف آخر هو محاربة الإسلاميين في هذه المنطقة، فالرئيس الأمريكي جورج بوش صرح وهو يدافع عن إرسال قوات إلى الفليبين وجورجيا بأن هدف الأمريكيين الأهم هو محاربة القوى الإسلامية في هذه المنطقة كي لا تتحول إلى أفغانستان أخرى.

كما أن الرئيس الجورجي السابق إدوارد شيفرنادزة الذي فشل في حربه ضد مسلمي أبخازيا سعى لإطلاق تحذير من اتخاذ تنظيم القاعدة لهذه المناطق المحاذية قاعدة جديدة لها؛ لجذب القوات الأمريكية لخوض حرب بالوكالة عنه ضد المسلمين الأبخاز، وعلى نهجه سار سكاشفيلي المدعوم أمريكيًا.

وهكذا نرى أن المسلمين في هذه المنطقة يعانون من حرب جماعية موجهة ضدهم تستغل الصمت الإسلامي والجهل الإعلامي بقضاياهم وظروفهم كما حدث في قضايا ومناطق أخرى كثيرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير