تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وزعم أن الحكومة ساعدت أولا الجمعية ورخصت لها، والحكومة ما عرفت منها الجمعية مساعدة خاصة لا أولاً ولا أخيرا، وأي مساعدة شاهدناها من الحكومة وقد أقرت قرار بريفي [كلمة فرنسية معناها الحاكم أو الوالي الفرنسي] الجزائر الذي يمنع الجمعية من وعظ العامة وإرشادهم في المساجد، وأي مساعدة والحكومة قد أغلقت مكاتب وأمتنعت من الترخيص في مكاتب أخرى لمجرد انتماء المعلمين أو الطالبين للتعليم للجمعية، فمن الأولى مدرسة سيق ومدرسة بلعباس ومدرسة قمار، ومن الثانية مدرسة القنطرة، هذا هو الواقع مع الأسف الشديد، ولكن من الحق الذي يجب أن نقوله وأن نتسلى به أنه ليس كل واحد من رجال الحكومة راضيا بهذه المعاكسة التي لا مبرر لها والتي هي صد لجمعية إصلاحية تهذيبية عن الإصلاح والتهذيب، وأما ترخيص الحكومة للجمعية فالفضل في ذلك للقانون، ولولا ثقتنا بذلك القانون والرجال الساهرين على تنفيذه ما كان لنا ان نصدع بهذه الحقائق التي يريد النائب غراب وملقنوه تغطيتها.

زعم أن الجمعية تدخلت في شؤون لا علاقة لها بالتعليم وانفجرت بتعاليم منافية للعلم ومثيرة للأحقاد والتحزبات.

كأن الملقنين لهذا الغراب يفهمون من التعليم أنه هو أن يجلس لشيخ في وسط حلقة ثم يلقي عليهم مسائل من النحو، ومسائل من كتاب الصلاة، هذا فقط هو التعليم، فأما مكتب ابتدائي يعلم فيه أبناء المسلمين وبناتهم مبادئ دينهم ولغتهم ويحفظون فيه من مواطن الفساد ومهاوي الشقاء وبراثن المضللين، ويهيئون للحياة تهيئة صحيحة تكوّن منهم رجالا مسلمين يخدمون أمتهم ووطنهم ودولتهم ويشرفون سمعتها، وأما إلقاء دروس الوعظ والإرشاد على طبقات العامة التي تفقههم في دينهم وتعرفهم بالفضائل الإنسانية وتحذرهم من الرذائل الحيوانية وتفتح بصائرهم لإدراك حقائق الحياة الدنيا وما يفيدهم في الحياة الأخرى، وتصحيح عقائدهم وتهذيب أخلاقهم وتقويم أعمالهم.

حتى يعيشوا بذلك كله سعداء في الدنيا مع أنفسهم وجيرانهم

، ويكونوا على أقوى الأسباب لنيل السعادة في آخرتهم - فهذا كله شؤون لا علاقة لها بالتعليم، ولهذا لما اشتغلت بها الجمعية- زيادة على دروس رجالها لطلبة العلم، قال هذا المنقول المقول: إن الجمعية تدخلت في شؤون لا علاقة لها بالتعليم؟!

أما التعليم كما يفهمه كل أحد، وكما جاء به الدين، وكما كان عليه سلف المسلمين، فهو نشر العلم لكل أحد، الكبير والصغير والمرأة والرجل: بحلق الدرس ومجالس الوعظ وخطب المنابر وبكل طريق موصل، وهذا ما اشتغلت به الجمعية وتوسلت بالطرق الموصلة إليه، ولن يستطيع الغراب ولا غيره أن يثبت عليها شيئا غيره.

ولا نظنه يعني التعاليم المنافية للعلم إلا ما قامت به الجمعية من بناء وعظها وإرشادها على آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ووصايا أئمة السلف، فإن كل هذا كان مهجورا في هذه الديار، وفي غير هذه الديار، فإذا كانت هذه هي التعاليم المنافية للجهل المغيظة لأهل الجهل الماحقة لكل جهل ودجل وأنها هي هي مصدر الدين والعلم وكل خير وسعادة للبشر وأرغم الله أنف كل أفاك أثيم.

ثم يقول الغراب: إن هذه التعاليم مثيرة للأحقاد والتحزبات؟؟؟ ولقد صدق وهو الكذوب، فقد أثارت علينا هذه التعاليم الأحقاد، وأي حقد أعظم من الحقد الذي أكل قلبه وقلب مثله حتى اعتدى علينا هذا لاعتداء العظيم، وافترى علينا هذا الافتراء المبين، وكيف لا يحقد علينا الجهال الذين يعيشون على الجهل ونحن نحارب الجهل والمتعيشين عليه؟ وكيف لا يحقد علينا الذين يقولون للناس كونوا عبادا لنا بفنون من لسان المقال ولسان الحال، ونحن نقول للناس لا تكونوا عبادا إلا لله، وهم يقولون للناس اعبدونا وارزقونا، ونحن نقول لهم لا تعبدوا إلا الذي يرزقكم وهو وحده لا شريك له، وكيف لا يحقدون علينا من يريدون بقاء المسلمين عضوا أشلاٌ أو مريضا في الهيئة الجزائرية ونحن نريده عضوا حيا عاملا كسائر الأعضاء فيها يفيد ويستفيد يعين ويستعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير