لقد وُضِعت هذه القصة من أناس يمتُّون إلى القوط بصلة، وقد هالهم ذلك النصر العظيم، نصر اثني عشر ألفاً على مائة ألف، فأرادوا أن يخفِّفوا من أثر ذلك النصر، ويجدوا المبررات للقوط في تلك الهزيمة المخزية بأنه قد وقع من الرعب في نفوسهم الشيء الكثير بالحيلة والخديعة التي لجأ إليها طارق، وما كانوا ليُهزَموا لولا تلك الحيلة. فنصر المسلمين كان نصر خديعة، لا نصر قوة وشجاعة وتضحية وفداء، وهزيمة القوط لم تكن هزيمة ضعف وخوار وإنما كانت هزيمة حيلة ومكر، ولم تكن تعوزهم الشجاعة ولا الدفاع المستميت عن أوطانهم.
وقد ساير بعض المسلمين رواة هذه القصة في قبولها، ونظروا إليها نظرة ثانية مخالفة لنظرة القوط ومَن دافع عنهم وشايعهم، حيث نظروا إليها من جانب ذكاء القائد المسلم ومعرفته بنفسية القوط، واللقاء بهم بعد أن زعزع الروح المعنوية عندهم بإلقاء الرعب في نفوسهم، والصدام معهم بهذه القلة التي معه مع كثرتهم إنما هي نوع من أنواع التضحية والفداء، واعتماداً على الروح المعنوية العالية عند جنده في حب الجهاد والنيل بإحدى الحسنيين، وضعف الروح المعنوية عند خصمه استطاع إحراز النصر. وهذا التحليل أو التعليل غير صحيح لأنه مخالف للمنطلقات التي لا تقبل التمثيل بالأعداء ولا بجثث الشهداء من الأصدقاء، لذا فهي مرفوضة، والقصة غير مقبولة، وهي من وضع الذين أحبّوا الدفاع عن القوط بمحاولة إيجاد مبررات لهزيمتهم النكراء.
ولقد كان انتصار المسلمين بإذن الله بما وضع في نفوسهم من روح معنوية عالية في حب الجهاد والاندفاع نحو الأعداء لتحقيق النصر أو لنيل الشهادة، فكتب لهم النصر، وأعطى رتبة الشهادة من استحقّها.
لقد كان قادة المسلمين الأوائل أئمة جندهم وخطباءهم، والمفتين لهم، والمرجع لهم في أمور الدين، لذل فقد كانوا على معرفة بكتاب الله وسنة نبيه وسلوك صحابته، وعلى علم باللغة العربية لإمكانية الاستنباط، لذا فإن القادة الأوائل كانوا جميعاً من العرب ولا يمكن أن يكونوا إلا كذلك، وما فعله الأمويون من تولية الولاة، وإعطاء القيادات للعرب لم يكن إلا بحكم الضرورة للمحافظة على المنطلقات الإسلامية، ولم يكن تعصباً للجنس العربي أبداً. ولقد كان طارق بن زياد من أوائل الذين استطاعوا تحصيل هذه المعرفة من غير العرب، فأهَّله ذلك لتسلّم القيادة وكان أهلاً لها، وقد حافظ على المستوى العام للقائد المسلم، ولم يرتكب مخالفة أبداً، لا حيلة ولا جهلاً، فلم يحرّق سفن المسلمين ويجعلهم يتكبدون خسائر كبيرة، ولم يمثِّل بالأعداء، وكان خطيباً، ووصلت إلينا خطبته، وهو أهل لقولها ولأمثالها.
ـ[مكتب زهير الشاويش]ــــــــ[05 - 06 - 09, 04:24 م]ـ
والكتاب من منشورات المكتب الاسلامي للطباعة والنشر.
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[06 - 06 - 09, 12:24 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو اسحاق الصبحي]ــــــــ[25 - 06 - 09, 06:41 م]ـ
جزاكم الله خيرا
هل هو الاستاذ محمود شاكر أبو فهر أخو العلامه أحمد شاكر
ـ[أبو الأشبال البريطاني]ــــــــ[25 - 06 - 09, 08:43 م]ـ
لا يا أخي الكريم
هذا الأستاذ محمود شاكر من سوريا
ـ[ابوسعيد النجدي]ــــــــ[28 - 08 - 09, 03:53 ص]ـ
الكتاب ممتاز للقراءة والاطلاع ولكنه لايفيدك في التوثيق مما يدعوك الى الرجوع الى المصادر الاصلية
ـ[عبد الحفيظ المقري]ــــــــ[28 - 08 - 09, 03:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 08 - 09, 05:41 م]ـ
قول فضيلته: "ولم تنطلق في عهده الفتوحات فيُثْنى عليه" خطأ، بل حدثت في عهده فتوحات عظيمة. فتح عقبة الجزائر والمغرب، وانطلقت جيوش الإسلام شرقاً حتى توغلت في الصين.
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[26 - 11 - 09, 10:23 ص]ـ
القول عن يزيد:
لقد أرسله أبوه سنة خمسين للهجرة على رأس حملة كبيرة لدعم المجاهدين الذين يحاصرون القسطنطينية، لقد سار على رأس الحملة وفيها عدد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمثال أبي أيوب الأنصاري، وعبادة بن الصامت، وأوس بن شدّاد، وعبد الله بن عمر ابن الخطاب، وعبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، رضي الله عنهم جميعاً. فكان يزيد قائدهم، وخطيبهم، وإمامهم فما طعن أحد منهم في قيادته، ولا تكلّم أحد عن إمامته
¥