تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 12:28 ص]ـ

يتبع .......

ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 12:42 ص]ـ

وبقيت قبيلة الحويطات تقوم بمهمة نقل الحجاج من معان حتى شمال الحجاز، حيث أشار لذلك الرحالة الأمريكي هنري ردجواي ( Henry B.Ridgaway)، الذي مرّ عبر منطقة شرقي الأردن عام 1874م (1291هـ)، ولحظ بأن الشيخ عرار بن جازي - والد حمد بن جازي - جاء إلى معان في العام نفسه؛ لكي يستقبل قافلة الحج القادمة من دمشق آنذاك، بعد أن رافق الرحالة هنري ومن معه إلى معان (29). ونلحظ من خلال ما تقدم أن علاقة الدولة العثمانية بالقبائل البدوية، كانت بين مدّ وجزر، فأحياناً حسنة وأحياناً أخرى سيئة، انعكس كل ذلك على أمن القافلة وسلامتها، فهجوم بني صخر على القافلة عام 1876م (1293هـ) مثال واضح على ظاهرة التقلب في هذه العلاقة؛ إذ قام بنو صخر في هذا العام بمهاجمة القافلة أثناء مرورها من أراضيهم، حيث دار قتال بين بني صخر والجنود العثمانيين المرافقين للقافلة، استمر لمدة أربع ساعات كما يذكر داوتي ( Doughty)(30). ورغم محاولات بعض القبائل البدوية الاعتداء على القافلة إلا أن وضع الحجاح قد تحسن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بالمقارنة مع الفترات السابقة، كما يشير لذلك سيلاه مرل ( Selah Merrill) في رحلته المسماة "إلى الشرق من الأردن"، الذي لحظ أن نفقات القافلة قد انخفضت عن الفترات السابقة، حيث ذكر أن تمويل القافلة في عام 1873م (1290هـ) بلغ (350.000) جنيه، بينما انخفض إلى (42.575) جنيها في عام 1876م (1293هـ)، وأصبح (39.019) جنيها في عام 1877م (1294هـ)؛ بالإضافة إلى توصل الحكومة العثمانية إلى عقد اتفاقات مع القبائل البدوية، التي كانت تعترض الحجاج في الفترات السابقة، على أن تقدم هذه القبائل الجمال لنقل الحجاج مقابل مبالغ مالية، كانت تدفع لها (31).

وهذا مؤشر على أن العثمانيين بدؤوا بضبط الأوضاع أثناء مرور القافلة، خاصة بعد فصل منصب إمارة القافلة عن منصب ولاية دمشق. وأشار بعض الرحالة الذين زاروا المنطقة في أواخر القرن التاسع عشر إلى مسألة نفقات القافلة، وأبرز هؤلاء لورنس أوليفانت ( Laurence Oliphant)، الذي زار منطقة شرقي الأردن في عام 1879م (1296هـ)، حيث ذكر أن مقدار ما كانت تدفعه الدولة للبدو في شرقي الأردن سنوياً وصل إلى ما يقارب (100.000) آقجة، قسم كبير منه كان يعطى لبني صخر الذين وصفهم أوليفانت بأنهم مشهورون بشن الغارات على القافلة، كونهم يسكنون إلى الشرق من طريق الحج (32). واستمرت الدولة العثمانية في استخدام القوة ضد القبائل الكبيرة، التي كانت تعترض القافلة، ففي عام 1879م (1296هـ) ردّت عشيرة الأحامدة من قبيلة حرب القافلة، بعد مسيرة يومين من المدينة المنورة باتجاه مكة، حيث مكان وجود قبيلة حرب؛ لذلك عادت القافلة إلى المدينة، ولم تتخلص من خطر الأحامدة إلا باستخدام القوة العسكرية الموجودة في المدينة، بالإضافة للقوة المرافقة للقافلة المؤلفة من (800) فارس، ومدافع وذخائر كثيرة (33).

وشهدت فترة ثمانينيات القرن التاسع عشر علاقة مميزة بين الدولة العثمانية وقبيلة بني صخر، خاصة بعد تولي سطام فندي الفايز زعامة بني صخر متوليا مهام والده الذي توفي في عام 1881م (1298هـ)، حيث كانت له علاقة بوالي دمشق محمد سعيد باشا، وابتداءً من هذا التاريخ أصبح بنو صخر مسؤولين عن أمن طريق الحج ومنازله وحماية الحجاج، كما التزموا بتقديم جمالهم للقافلة، علاوة على تكفلهم بنقل المؤن والذخائر من المزيريب (34) حتى القطرانة، مقابل مبالغ نقدية كانوا يتلقونها إضافة للصرة السنوية (35).

كما تقربت الدولة العثمانية من عشيرة ولد علي (36)، وأبعدت في الوقت نفسه الرولة، بهدف إيجاد نوع من التوازن بين قوة هذه العشائر، حيث أسندت مهام نقل الحجاج إلى عشيرة ولد علي؛ إذ تعهد الشيخ محمد بن دوخي بنقل الحجاج بعد خروجهم من دمشق، وتزويدهم بالجمال، كما تعهد الشيخ محسن وهو أيضا من عشيرة ولد علي، باستقبال الحجاج سنوياً عند المدينة المنورة، والالتقاء بأمير القافلة ومعه الصرّة (37). وهكذا يتبيّن لنا أن الدولة العثمانية اتبعت سياسة التودد لبعض القبائل والعشائر، خاصة القوية منها كقبيلة بني صخر وعشيرة ولد علي، حتى إنها أنعمت على بعض شيوخ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير