تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه القبائل والعشائر بالأوسمة، والخلع، وأحياناً الرتب، كما حدث مع سطام فندي الفايز أبرز شيوخ بني صخر (38)، الذي عينته الدولة مديراً لناحية الجيزة "زيزياء" (39)، بهدف كسب رضا بني صخر، ومحافظتهم على سلامة الحجاج. وهذا الإجراء ينسجم مع توجه العثمانيين آنذاك، بإسناد مناصب إدارية لشيوخ بعض القبائل. وكان لقبيلة شمر - الموجود قسم منها في منطقة شرقي الأردن - دور في نقل الحجاج وتأمين القافلة، حين مرورها من مناطقهم، في نهاية القرن التاسع عشر، حيث ذكر الرحالة العثماني "سويلة مز أوغلي"، الذي زار بلاد الشام، أنه التقى أحد شيوخ شمر دريبي بن زبن، زعيم عشيرة زبن - الذي كان يسكن هو وعشيرته بالقرب من عين الزرقاء، وتتألف من 300 خيمة - التقاه بالقرب من الرمثا في 29 أيار (مايو) 1890م (10 شوال 1307هـ)، حيث استقبل ابن زبن القافلة هناك، بعد خروجها من المزيريب؛ إذ لحظ الرحالة "سويلة مز أوغلي" أن ابن زبن يحمل خاتماً فضياً، كان قد أهداه إياه إبراهيم باشا، يحمل تاريخ 1263هـ/1840م، كان يستخدمه ابن زبن عند تسلمه الأعطية السنوية المخصصة له من قبل الدولة العثمانية (40). يلحظ أن الشيخ ابن زبن كان على علاقة حسنة مع السلطات العثمانية في دمشق؛ إذ لحظ "سويلة مز أوغلي" أن جماعة ابن زبن، قدَّمت الدعوات لأمين الصرة وأمير القافلة وبعض مرافقيها، لتناول الطعام عند الشيخ ابن زبن، كما لحظ "سويلة مز أوغلي" أن أبناء ابن زبن وإخوانه وأبناء عمومته، اهتموا بالقافلة وحموها طوال فترة استضافتهم لأمير القافلة ومن معه (41).

ويمكن القول: إن قبيلة شمّر وخاصة عشيرة ابن زبن - في هذه الفترة - بحكم سيطرتها على المنطقة ما بين الرمثا شمالاً وعين الزرقاء جنوباً، قد حمت القافلة، وكانت تقوم على خدمة الحجاج. وعادت بعض القبائل إلى عادة الاعتداء على القافلة، في بداية تسعينيات القرن التاسع عشر، حيث هاجم بعض البدو من قبائل شرقي الأردن القافلة في عام 1892م (1309هـ) دون معرفة القبائل التي ينتمون إليها؛ لأن الدولة رفضت دفع المخصصات المستحقة لهم جراء حماية الحجاج في الفترة ما بين 1880 - 1891م (1297 - 1308هـ)، وعاقبت الدولة هؤلاء البدو، حيث أرسلت لهم حملة تأديبية، وصل عدد أفرادها إلى مئات الجنود، لإخضاعهم وتأديبهم (42).

إن خطورة الاعتداءات المتكررة ضد القافلة في منطقة شرقي الأردن دفعت المسؤولين العثمانيين إلى التفكير جدياً في إنشاء لواء في معان والكرك بين عامي 1891 - 1894م (1308 - 1311هـ)؛ فبالإضافة إلى تحقيق أمر سلامة قافلة الحج الشامي والحد من اعتداءات البدو، فإن هناك أهدافاً أخرى سعى العثمانيون لتحقيقها، أبرزها؛ توفير مبالغ مالية كانت تدفعها الدولة للقبائل البدوية مقابل حماية قافلة الحج على طول الطريق ما بين دمشق ومعان؛ وذلك ببسط السيطرة على هذه المنطقة، والبعض كانت تخسره نتيجة الاعتداءات على القافلة، قدرت بـ "900.000" قرش (43).

ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 01:17 ص]ـ

وتغيّر تعامل الدولة العثمانية مع القبائل البدوية بشكل فعلي، بعد إنشاء لواء الكرك عام 1893م (1310هـ)، حيث سعت الدولة إلى توطيد العلاقة مع البدو بعد هذا الإنجاز الإداري؛ فخصصت رواتب سنوية لبعض شيوخ القبائل، لكسب ودهم ورضاهم، والمحافظة على سلامة القافلة، أثناء مرورها في مناطقهم (44).

وكان بعض شيوخ منطقة شرقي الأردن يتلقى رواتب من الحكومة العثمانية، كشيخ مشايخ قبيلة بني صخر فندي الفايز، حيث بلغ مقدار راتبه عام 1891م (1308هـ) أربع مجيديات (45). ويمكن أن تعزى مبادرة الدولة السابقة، المتضمنة تخصيص رواتب سنوية لبعض شيوخ قبائل الشام - رغم أنها رواتب بخسة - إلى السعي لكسب ودّ هؤلاء إلى جانبها، وبالتالي التعاون ما بين الطرفين، وخاصة مع والي دمشق، الذي كان همّه المحافظة على القافلة، وتأمين الجمال للحجاج.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير