تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلا أن هذه الصلة العلمية لم تمنع السيد أحمد صقر من الرد على الدكتور زكي مبارك في بعض ما ذهب إليه من آراء، لم يسلك فيها الطريق السوي في البحث والتقصي [14]، ومثله الدكتور أحمد أمين (ت 1954م)، فقد كان السيد أحمد صقر معجبًا به في أول أمره، متصلاً به، واشتركا في تحقيق كتابين من كتب التراث؛ بل كانت للسيد صقر اليد اليمنى في الإشراف على مجلة الثقافة التي كان يرأسها أحمد أمين، إلا أن أحمد أمين لم يحافظ على هذا الودِّ بعادات غريبة، كان يواجه بها بعض أعيان عصره؛ مثل: الإغارة على جُهُودهم العلمية، حتى نفض السيد أحمد صقر يده من إتمام بعض المشاريع العلميَّة معه.

7 - الأديب عباس محمود العقاد (ت 1964م): أحد أصدقاء السيد أحمد صقر الكبار، وقد كان بينهما ودٌّ وإعجاب كبيران، يقول الدكتور حامد طاهر - أحد تلامذة السيد أحمد صقر، في المرحلة الثانوية، في عام 1961م -: "وذاتَ يوم، اقترح علينا السيد صقر أن نقومَ بزيارة منزل العقاد، وأوصانا أن نكتبَ له قصائد تحية، وبالفعل كتب كل واحد منا قصيدة، وذهبنا إلى ندوة العقاد بمصر الجديدة، وهناك قدمنا أنفسنا للعقاد، وألقينا قصائدنا أمامه، وسعد الرجل بها كثيرًا، ونهض فصافح كلاًّ منا، وفى نهاية الندوة قال لنا العقاد: "احتفظوا جيدًا يا أولاد بأستاذكم هذا؛ فإنه رجل مجهول القدر فى هذا البلد" [15].

8 - العلاَّمة محمود شاكر (ت1997م): شيخ العربية أو الأستاذ الراوية - كما يُسَمِّيه السيد أحمد صقر - وقد كان يكبر السيد أحمد صقر بست سنين، إلا أن هذا الفارق في السن لم يمنع كلاًّ منهما أن يَفِيد من الآخر في البحث والمذاكرة، والعلم والأدب، فقد كانا يتسابقان في قراءة الدواوين الشعرية واقتنائها؛ وربما سبق محمود شاكر أخاه السيد أحمد، لا لشيء إلا لضيق يد السيد أحمد صقر عن اقتناء الكتب وتحصيلها، فكان يذهب إلى مكتبة أستاذه، وشقيق منافسه، الشيخ أحمد شاكر فيقرأ عنده ما تيسر له [16]، ويقول السيد أحمد صقر في بعض ما كتب: "ولمَّا كنت لا أعرف أن لأجزاء ما جاء في القُرْط أسماء خاصة بها، فقد سألت صديقي الراوية الأستاذ محمود محمد شاكر، فقال: .... " [17]، وقال في موضع آخر حول كلمة محرَّفة لم يدرك وجه تصويبها: " ... ويرى صديقي الراوية الأستاذ محمود محمد شاكر أن صوابها ... " [18]، وقال السيد أحمد صقر في موضع ثالث يُعَلِّق فيه على أحد المعقبين اللغويين: "هذا؛ وإني أنصح الأستاذ المعقب بنصيحة خالصة، نصحني بها منذ أكثر من عشرة أعوام صديقي الراوية، الأستاذ محمود محمد شاكر، ونحن نقرأ حماسة ابن الشجري، قال لي عندما قرأت قول باعث اليَشْكُرِي (وَكَتِيبَةٍ سُفْعِ الوُجُوهِ بَوَاسِلٍ): وهذه كلمة - يعني (بواسل) - أغفلتْها المعاجم فيما أغفلتْ من أوابد اللغة وشواردها؛ ومِن ثم أنصح لك ألاَّ تقطع برأي فيما لا تجده في المعاجم إلا بعد تثبيت؛ فإن كثيرًا من ألفاظ اللغة موجودة في الشعر الجاهلي والشعر الإسلامي، ولم يقيّده الرواة في معاجم اللغة، واقتصروا أيضًا في شرح بعض الكلمات على ما ورد في أبيات بعينها مما رووه، وفيما لم يرووه ولم يشرحوه كثير مما ينبغي أن يشرح مرة ثانية بدلالة هذا الشعر، هذه نصيحة صديقي الأستاذ محمود محمد شاكر، وهي نصيحة قيمة، تعصم من اتبع هداها من التَّرِّدي في مهاوي العثرات" [19].

ولما خرج كتاب "طبقات فحول الشعراء"؛ لابن سلام، بتحقيق محمود شاكر، كان أول مَن انتقده السيد أحمد صقر، وفي هذا يقول محمود شاكر في مقدمة الطبعة الثانية للكتاب: "وقد نقد هذه الطبعة جماعة من أهل العلم والفضل، أوَّلهم صديقي وأخي وعشيري الأستاذ السيد أحمد صقر، وقدِ انتفعتُ بما أرشدني إليه ... " [20]، ومما قاله السيد صقر في نقده: "كان لظهور هذا الكتاب النفيس رنة فرح عظيمة في نفسي، أشاعت فيها الغبطة والبهجة، ومردُّ ذلك إلى الودِّ الخالص الذي أكنُّه للكتاب ومؤلفه وشارحه جميعًا، أما ابن سلام، فإنِّي أعتقد فيه رجاحة العقل، ورهافة الذوق، وأشعر نحوه بشعور يفيض إجلالاً وإعظامًا، وأما شارح الكتاب - وهو الأستاذ محمود محمد شاكر فإني أعرفه، راويةً، غزير المادة، قويّ الذاكرة، وناقدًا، ثاقب الفكر، أَلْمعي النظر، بصيرًا بأسرار اللغة ووقائعها، خبيرًا بعلوم العرب ومعارفها، ومنازعها في بيانها وتبيينها، وسننها في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير