تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4/ نشر مقال للشّاعر الجزائري المعروف "مفدي زكرّيا" كتبه وهو في شبابه، أرسله إلى جريدة "البصائر" وحظي مقاله بالنّشر وبالإعجاب رغم أنّ المقال يحتوي على فكرة خطيرة، وهي المناداة بتوحيد الصّف وعدم التّفريق بين المسلمين في مسائل الاعتقاد، ولا يخفى على كلّ سلفي ما في هذه الفكرة من شرٍ، وقد كتب "مفدي زكريّا" في مقاله ما يلي:

» الحمد للّه: حضرة الأستاذ الأكبر العلاّمة أبي الجزائر الجديدة الشّيخ "سيدي الطّيب العقبي"، سلاما عاطرا وتحيّة مباركة، أمّا بعد، فلا يخفاكم يا سيّدي أنّ الشّعب الجزائري يتحفّز اليوم للوثوب نحو حياته الجديدة الرّهيبة الملأى بالمغامرات، والمفعمة بالأماني الغالية والآمال العتيدة مدفوعا إليها بقوّة إرادته الجبّارة ومسوقا نحوها بعصوين قاسيتين، عصا النّشوء والارتقاء في دائرة الشّعور بالذّاتية الّتي بنيتم لها في قلوب الرّعية صروحا من يوم رفعتهم عقيرتكم بالصّرخة الكبرى نحو الحياة في هذه البلاد، وعصا الاستعمار العتيد الّتي أخذت مأخذها الذّريع من هيكل الأمّة المقدّس، وأثخنته جراحات داميات وتركته شلوا ممزّعا تتقاذفه الأقدام الأثيمة نحو غايات سافلة تقاذف الصّبيان كرة القدم، وكان حتما عليه ولزاما في نهضته هذه أن ينفر مجموع الأجزاء ملتئم الشّعث قويّ البنيّة ليستطيع الثّبات أمام الأعاصير والزّعازع الاستعماريّة الّتي تنتظره في الميدان العصيب، سيّما وقد قام الدّليل على بطلان كلّ نهضة تدسّ في بنائها الغام الفوارق وتنتشر بين صفوفها أوبئة الشّيع والطّوائف. ولمّا كان المنطق المعقول هو إقامة الأساس قبل الشّروع في البناء، كان حتما على زعماء هذه البلاد المريدين بها خيرا أن يرمّموا شقوقها ويضمّوا أجزاءها ضمّا محكما قبل أن يبعثوا بها غازية في ميدان الحياة، وأنّ الّذي يجسّ نبض الأمّة الجزائريّة مباشرة كحضرتكم يعلم مقدار الأوبئة الفتّاكة المنتشرة بين شرايينها من شقاق مبنيّ على فوارق طبيعيّة وخصومات (نصف دينيّة) هي من بقايا جنايات الآباء على البنين، هذا يعتزّ بحضريّته وهذا بزواويّته وذاك بقبائليّته والآخر بميزابيّته، والاستعمار من وراء ذلك يعتزّ بهذه الفوارق كلّها على محقنا جميعا! ومحال أن توفّق نهضة على هذه الأشكال المتنافرة، ولقد سجّل لكم التّاريخ في ديوان البطولة أعمالكم في هذا السّبيل تلك الأعمال الخالصة الّتي استطاعت أن تقيكم مقام (الأبوّة الموقّرة) من هذا الشّعب العربيّ المسلم الكئيب، إلاّ أنّ الظّروف أصبحت مسرعة جدّا والحالة لا تمهلنا كثيرا، وبعض النّواحي الإداريّة تزيد الخرق اتّساعا وتسعى أن تكون لكلّ طائفة جمعيّة خاصّة بها اعتزازا بالقوميّة وإحياء الشّعوبيّة الممقوتة .. وبعض الذّوات المشبوهة تعين الإدارة على ذلك بإيعازات سرّية وعلنيّة وبكلّ وسيلة شريفة وغير شريفة، إزاء كلّ هذا رأت كتلة صالحة من العاملين تأسيس جمعيّة تحت رئاستكم باسم "جمعيّة التّوحيد" غايتها القيام بإزالة جميع الفوارق بين الطّوائف الإسلامية السّاكنة بهذه البلاد وتمتين العلاقات بين تلك الطّوائف وتطهيرها وتوحيد الرّغبات والأعمال تحت دائرة التّوحيد، وذلك بتنظيم محاضرات ومسامرات لهذا الصّدد في كلّ أسبوع وفي كلّ ناحية وعقد مؤتمر سنوي كلّ سنة في إحدى العمالات الثّلاث بالتّناوب، والقيام بإنشاء رسائل ونشريات تدعو للوحدة والوفاق وتشكيل قافلة سنويّة من الدّعاة والمبشّرين بالتّوحيد في دائرة التّوحيد .. إنّنا نرجوكم يا حضرة الشّيخ المحترم أن تجيبونا عن رأيكم في هذه المسألة الحيويّة الأساسيّة وتعاضدونا برئاستكم وأعمالكم الصّالحة، ولا نرى من غرابة في فكرتنا هذه بعد أن اتّخذ كلّ من في الأرض وبعد أن أصبح أبناء موسى وعيسى في الجزائر يخطبون ودّ أبناء محمّد، ويرجون اتّحادهم معهم لمصالح البلاد وخير الإنسانيّة المعذّبة والسّلام عليكم ورحمة اللّه ـ عن جماعة من المصلحين العاملين ـ "مفدي زكريا" «جريدة "البصائر" العدد 27 [ص 219].

و "مفدي زكريّا" نفسه شاعر أفنى عمره في تمجيد الجزائر بأشعار تحتوي على كفريات صريحة، فالتّغني بجمال الجزائر وبطولاتها لا يتطلّب من الشّاعر الاستهزاء بصفات اللّه وتشبيه الخالق بالمخلوق والمخلوق بالخالق، فمن ذلك قوله في قصيدته المشهورة بـ (إلياذة الجزائر):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير