جزائر يا مطلع المعجزات vv ويا حجّة اللّه في الكائنات
ويا بسمة الرّب في أرضه vv ويا وجهه الضّاحك القسمات
ويقول في نفس هذه القصيدة الطّويلة:
شغلنا الورى vv وملأنا الدُّنا
بشعر نرتّله كالصّلاة vv تسابيحه من حنايا الجزائر ..
ويقول أيضا في القصيدة نفسها:
جزائر يا لحكاية حبّي vv ويا من حملت السّلام لقلبي
ويا من سكبت الجمال بروحي vv ويا من أشعت الضّياء بدربي
فلولا جمالك ما صحّ ديني vv وما أن عرفت الطّريق لربّي
ولولا العقيدة تغمر قلبي vv لما كنتُ أُومِنُ إلاّ بشعبي
رجلُُ بهذا المستوى المنحطّ في التّوحيد هل يصلح أن يكون ساعيا لتوحيد المسلمين؟ .. على أي شيء يوحّدهم؟ أعلى عقيدة أمشاج تفوح منها رائحة الخوارج والشّيعة والأشاعرة والمعتزلة والمرجئة، وغيرها من رؤوس فرق الضّلال والانحراف؟
ماذا كان رأي جمعيّة العلماء أو رجال جريدة "البصائر" في هذا المقال؟ الجواب: أنّهم قدّموا لمقال "مفدي زكريّا" بمقدّمة تحت عنوان (رأي جديد في تأسيس جمعيّة باسم جمعية التّوحيد)، وكان مضمونها كما يلي:
أرسل إلينا الشّاب النّابغ الأديب والشّاعر العبقري المجيد السّيد "مفدي زكريّا" من شباب (بني ميزاب)، المتنوّرين الشّاعرين بآلام هذه الأمّة الجزائريّة منذ نعومة أظفارهم، والمتطلّبين لها العلاج السّريع والدّواء النّاجع من يوم عرفوها بحالتها الرّاهنة وصفتها الحقيقيّة، وعرفوا أنّهم جزء من هذه الأمّة لا يسعد الواحد منهم إلاّ بسعادتها .. أرسل إلينا هذا الشّاب الطّموح المغامر بهذه الرّسالة الّتي سننشرها له معجبين برأيه وشاكرين له على جرأته، فقد دلّتنا على ما يحمل بين جنبيه من الغيرة على أمّته وما يتمنّى لها الوصول إليه من سعادة حقيقيّة، وسيادة عرف أنّها لا تبنى إلاّ على الاتّحاد في التّوحيد ملاحظين لحضرته أنّ جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين هي جمعية الموحّدين، وقد سبق تأسيسها لهذه الغاية الّتي يرمي إليها ـ وهي بحمد اللّه ـ لا تشتمل إلاّ على الموّحدين ولا يحمل ورقة العضوية فيها إلاّ مؤمن من المصلحين، فما يتطلّبه هو وغيره من الإخوان يجدونه في (جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين)، متى عمّموا الدعوة إليها وأعانوها بجهودهم الجبّارة على الوصول إلى مهمّتها السّامية، وما هذه المهمّة إلاّ (الاتّحاد في التّوحيد)، وإلى القرّاء الكرام نتقدّم بنصّ رسالة هذا الشّاب الجريء .. «
5/ و هذا كلام للشّيخ "الطّيب العقبي" يعبّر فيه بكلّ صراحة عن منهج الجمعيّة في قبول كلّ مسلم بغضّ النّظر عن عقيدته ومدى سلامتها وصحّتها، فجاء في كلامه ما يلي:» فلهذا رأوا ـ وهم فئة قليلة وطائفة غير كثيرة ـ أن يلفتوا قبل مباشرة العمل أنظار البقيّة الصّالحة في الأمّة إلى تأسيس جمعيّة علميّة دينيّة ترشد الأمّة إلى تعاليم الدّين الصّحيحة، وتهديها بالقرآن وآياته الحكيمة الّتي هي أقوم كما تكون مظهر وحدتهم الدّينيّة وعنوان اتّحادهم في سبيل الدّعوة إلى الإيمان وصالح العمل، وبعد الكتابة والخطابة وانتشار هذه الفكرة الّتي صادفت، والحقّ يقال بين كلّ العلماء قبولا واستحسانا واختمارها في العقول حتّى عقول غير العلماء اتّفقت الكلمة واتّحدت الآراء على تسميّتها باسم "جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين"، ليكون الاسم جامعا مانعا وعنوانا صادقا على هذه الجمعيّة الصّالحة الصّادقة .. فكان لكلّ عالم مسلم جزائري حقّ الدّخول فيها كعضو عامل، ولكلّ مسلم جزائري حقّ الانتساب إليها كعضو مؤيّد، فتأسّست وهي تشتمل على المصلحين والطّرقيين والمالكيين والإباضييّن، لم ينظر فيها إلى مذهب دون آخر ولا إلى طريقة دون غيرها، ولا غاية للمصلحين ولا أمل لهم غير الاتّفاق والاتّحاد نظرا لأنّ الجمعيّة جمعية علماء، وهم أقرب النّاس إلى الحقّ وأعرف النّاس بطرق التّفاهم «جريدة "البصائر" العدد 46 ـ[ص 2].
¥