روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله ?: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: ? آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ?» الآية. وروى مسلم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله ? أكثر ما يصلي الركعتين اللتين قبل الفجر بـ: ? آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ? الآية، والأخرى بـ: ? آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ?). وفي رواية: (يقرأ في ركعتي الفجر: ? قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ?، والتي في آل عمران: ? تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ?).
قال قتادة: الأسباط: بنو يعقوب اثنا عشر رجلاً ولد كل رجل منهم أمة من الناس فسموا الأسباط. وقال البخاري: الأسباط: قبائل بني إسرائيل.
قال القرطبي: والسبط: الجماعة. والقبيلة: الراجعون إلى أصل واحد. قال قتادة: أمر الله المؤمنين أن يؤمنوا به ويصدقوا بكتبه كلها ورسله. وفي الحديث عن النبي ?: «آمنوا بالتوراة، والزبور، والإنجيل، وليسعكم القرآن». رواه ابن أبي حاتم.
قوله عز وجل: ? فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ (138) ?.
يقول تعالى: فإن آمن الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم ? بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ ?، أي: بجميع كتب الله ورسله، ولم يفرقوا بين أحد منهم ? فَقَدِ اهْتَدَوا ? إلى الحق ? وَّإِن تَوَلَّوْاْ ? عن ذلك، ? فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ?، أي: في خلاف ومنازعة، قاله ابن عباس. ? فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ ?، أي: فسيكفيك شرهم وينصرك عليهم ? وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ?.
وقوله تعالى: ? صِبْغَةَ اللّهِ ?، أي: دين الله، سماه صبغة لأنه يظهر أثر الدين على المتدين، كما يظهر أثر الصبغ على الثوب. ? وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً ?.
قال قتادة: إن اليهود تصبغ أبناءها يهودًا، والنصارى تصبغ أبناءها نصارى، وإن صبغة الله الإسلام، فلا صبغة أحسن من الإسلام ولا أطهر، وهو دين الله الذي بعث به نوحًا والأنبياء بعده.
قوله عز وجل: ? قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (141) ?.
يقول تعالى: ? قُلْ ? يا محمد لهؤلاء المعاندين: ? أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللّهِ ?، أي: في توحيد الله؟ ? وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ?، أي: لكل جزاء عمله، فكيف تدعون أنكم أولى بالله ? وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ?، وأنتم به مشركون؟ قال سعيد بن جبير: الإخلاص أن يخلص العبد دينه وعمله، فلا يشرك به في دينه. ولا يرائي بعمله.
? أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ ?، أي: ? قُلْ ? يا محمد: أأنتم أعلم بدينهم أم الله؟ وقد أخبر الله تعالى: أن إبراهيم لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا، ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين، وإن أولى الناس به محمد والمؤمنون.
¥