تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويدل على حضور الشيطان عند المحتضر قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} فالمعنى: أعوذ بك أن يحضرني الشيطان في أمرٍ من أموري كائناً ما كان، سواء كان ذلك وقت تلاوة القرآن، أو عند حضور الموت، أو غير ذلك من جميع الشؤون في جميع الأوقات7.

وتحدث أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح المقدسي عن حضور الشيطان عند المحتضر تحت عنوان (الفصل الثاني والعشرون في اجتهاد الشيطان على المؤمن عند الموت)، واستشهد بما رواه النسائي وأبو داود بسنديهما عن أبي اليسر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول”اللهم إني أعوذ بك من التردّي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 رواه الترمذي في سننه، كتاب الحج، باب ما جاء في التغليظ في ترك الحج ح812، وقال عنه الألباني: (ضعيف)، انظر ضعيف سنن الترمذي ص88.

2 مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 4/ 255، 256.

3 المصدر السابق 14/ 202.

4 الاصطلام: الاستئصال والهلاك والقطع، انظر لسان العرب 2/ 469.

5 انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري 11/ 489، 490.

6 سورة (المؤمنون)، الآيتان 97 وَ 98.

7 انظر أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 5/ 819.

والهدم، والغرق، والحريق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً، وأعوذ بك أن أموت لديغاً”1.

فقوله صلى الله عليه وسلم “وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت"، قال الخطابي ت388هـ في شرحه: “هو أن يستولي عليه عند مفارقة الدنيا، فيضله، ويحول بينه وبين التوبة أو يعوقه عن إصلاح شأنه والخروج من مظلمة تكون قبله، أو يؤيسه من رحمة الله، أو يكره له الموت ويؤسفه على حياة الدنيا، فلا يرضى بما قضاه الله عليه من الفناء والنقلة إلى الدار الآخرة، فيختم له، ويلقى الله وهو ساخط عليه”2.

ويقول ا بن الجوزي ت597هـ: “وقد يتعرض إبليس للمريض فيؤذيه في دينه ودنياه، وقد يستولي على الإنسان فيضله في اعتقاده، وربما حال بينه وبين التوبة ... وربما جاء الاعتراض على المقدر؛ فينبغي للمؤمن أن يعلم أن تلك الساعة هي مصدرية للحرب، وحين يحمى الوطيس فينبغي أن يتجلد، ويستعين بالله على العدو”3.

وقد رُوي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال: حضرت وفاة أبي أحمد، وبيدي الخرقة لأشد لحييه، فكان يغرق ثم يفيق، ويقول بيده: لا بعد، لا بعد، فعل هذا مراراً فقلت له يا أبت أي شيء ما يبدو منك؟ فقال: إن الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله يقول: يا أحمد فتني، وأنا أقول: لا بعد، لا بعد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 رواه النسائي، كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من التردي والهدم ح5546، ورواه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب في الاستعاذة ح1552، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 3/ 483 ح5546 وَ 5547 وَ 5548.

2 معالم السنن، شرح على سنن أبي داود 2/ 194.

3 الثبات عند الممات ص41، 42.

حتى أموت1.

وقال القرطبي: “سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول: حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة وقد احتُضر، فقيل له: قل: لا إله إلا الله، فكان يقول: لا، لا، فلما أفاق ذكرنا له ذلك فقال: أتاني شيطانان، عن يميني وعن شمالي، يقول أحدهما: مت يهودياً فإنه خير الأديان، والآخر يقول: مت نصرانياً فإنه خير الأديان، فكنت أقول لهما: لا، لا2.

وقد روي أن الشيطان لا يكون في حال أشد على ابن آدم منه في حال الموت، وهو يقول لأعوانه دونكم هذا فإن فاتكم اليوم لم تلحقوه”3

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 انظر سير أعلام النباء 11/ 341.

2 التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة 1/ 68.

3 انظر معالم السنن حاشية على سنن أبي داود 2/ 194، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية 4/ 250.

المبحث السابع: مشروعية تلقين المحتضر: لا إله إلا الله، وقول الخير عنده

يشرع تلقين المحتضر لا إله إلا الله، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لقنوا موتاكم لا إله إلا الله”1.

قال النووي: “معناه من حضره الموت، والمراد: ذكروه لا إله إلا الله؛ لتكون آخر كلامه ... ، والأمر بهذا التلقين أمر ندب، وأجمع العلماء على هذا التلقين”2.

وقال القرطبي: “أي قولوا ذلك، وذكروهم به عند الموت، وسماهم موتى؛ لأن الموت قد حضرهم”3.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “تلقين الميت سنة مأمور بها”4.

وروى معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة”5، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لقنوا موتاكم لا إله إلا الله؛ فإنه من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوماً من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه”6، وقال صلى الله عليه وسلم “خير العمل أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله”7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 رواه مسلم، كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله ح916.

2 صحيح مسلم بشرح النووي 6/ 219.

3 التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة 1/ 61.

4 مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 24/ 297.

5 رواه أبو داود في سننه، كتاب الجنائز، باب في التلقين ح3116، وحسنه الألباني في إرواء الغليل 3/ 149 ح687.

6 رواه ابن حبان في صحيحه 719، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 2/ 916ح 1652.

7 رواه أحمد في مسنده 4/ 190، وأبو نعيم في الحلية 6/ 111، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/ 451ح 1836.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير