تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويشهد له ما رواه الإمام أحمد بسنده عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صادقاً من قلبه دخل الجنة”3.

وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد، غير شاك فيهما إلا دخل الجنة”4.

فدلت هذه النصوص على أن تلقين المحتضر: لا إله إلا الله، ونطقه بها متضمن لإيمانه بأن محمداً رسول الله.

قال ابن القيم: “لشهادة أن لا إله إلا الله عند الموت تأثير عظيم في تكفير السيئات وإحباطها؛ لأنها شهادة من عبد موقن بها، عارف بمضمونها، قد ماتت منه الشهوات، ولانت نفسه المتمردة، وانقادت بعد إبائها واستعصائها، وأقلبت بعد إعراضها، وذلت بعد عزّها، وخرج منها حرصها على الدنيا وفضولها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/ 110 وانظر 7/ 196.

2 رواه ابن ماجه في سننه، كتاب الأدب، باب فضل لا إله إلا الله ح3796 وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2/ 318 ح3063، وسلسلة الأحاديث الصحيحة 5/ 347 ح2278.

3 رواه الإمام أحمد في مسنده 5/ 229 وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة

5/ 348 تحت حديث رقم 2278.

4 رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً ح27.

واستخذت بين يدي ربها وفاطرها ومولاها الحق أذل ما كانت له وأرجى ما كانت لعفوه ومغفرته ورحمته، وتجرد منها التوحيد بانقطاع أسباب الشرك وتحقق بطلانه، فزالت منها تلك المنازعات التي كانت مشغولة بها، واجتمع همها على من أيقنت بالقدوم عليه والمصير إليه، فوجه العبد وجهه بكليته إليه، وأقبل بقلبه وروحه وهمه عليه فاستسلم وحده ظاهراً وباطناً، واستوى سره وعلانيته فقال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه، وقد تخلص قلبه من التعلق بغيره والالتفات إلى ما سواه، قد خرجت الدنيا كلها من قلبه وشارف القدوم على ربه وخمدت نيران شهوته وامتلأ قلبه من الآخرة فصارت نصب عينيه وصارت الدنيا وراء ظهره فكانت تلك الشهادة الخالصة خاتمة عمله فطهرته من ذنوبه وأدخلته على ربه؛ لأنه لقي ربه بشهادة صادقة خالصة، وافق ظاهرها باطنها وسرها علانيتها، فلو حصلت له الشهادة على هذا الوجه في أيام الصحة لاستوحش من الدنيا وأهلها وفرّ إلى الله من الناس، وأنس به دون ما سواه لكنه شهد بها بقلب مشحون بالشهوات وحب الحياة وأسبابها ونفس مملوءة بطلب الحظوظ والالتفات إلى غير الله، فلو تجردت كتجردها عند الموت لكان لها نبأ آخر وعيش آخر سوى عيشها البهيمي”1.

فإن قيل: هل يُعرض الإسلام على الصبي والكافر؟

فيقال: عنون البخاري ت256هـ بهذا العنوان (هل يُعرض على الصبي الإسلام) للباب التاسع والسبعين من كتاب الجنائز، كما عنون بـ (كيف يعرض الإسلام على الصبي) للباب الثامن والسبعين بعد المائة من كتاب الجهاد، ثم أورد فيهما ما رواه بسنده عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صياد2، وقد قارب الحلم”أتشهد أني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 الفوائد ص55، 56.

2 هو صافي بن صياد، كان أبوه يهودياً، واشتهر عن صافي التكهن وهو صغير؛ فجاءه الرسول صلى الله عليه وسلم ليختبره: انظر تجريد أسماء الصحابة 1/ 319 وفتح الباري 3/ 220.

سول الله”1.

وأورد في كتاب الجنائز ما رواه بسنده عن أنس رضي الله عنه قال: “كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: "أسلم"، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلَمَ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار”2، وفي رواية “الحمد الله الذي أنقذه بي من النار”3.

قال ابن حجر: “وفي الحديث جواز استخدام المشرك، وعيادته إذا مرض، وفيه حسن العهد، واستخدام الصغير، وعرض الإسلام على الصبي، ولولا صحّته منه ما عرضه عليه، وفي قوله (أنقذه بي من النار) دلالة على أنه صح إسلامه”4.

كما دل الحديث على جواز حضور المسلم وفاة الكافر؛ ليعرض الإسلام عليه، رجاء أن يسلم5.

وعلى من يحضر المحتضر ألا يقول إلا خيراً، فعن أم سلمة رضي الله عنها، قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون .. ”6 الحديث.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، وهل يعرض على الصبي الإسلام ح1354، وكتاب الجهاد، باب كيف يعرض الإسلام على الصبي ح3055.

2 رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، وهل يعرض على الصبي الإسلام ح1356.

3 في سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في عيادة الذمي، ح3095.

4 فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/ 221 وانظر 6/ 172، وانظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 18/ 191.

5 انظر أحكام الجنائز ص12.

6 رواه مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المريض والميت ح919.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير