تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[06 - 04 - 06, 08:10 م]ـ

قال النووي في شرحه هذا الحديث: “فيه الندب إلى قول الخير حينئذ من الدعاء والاستغفار له، وطلب اللّطف به، والتخفيف عنه، ونحوه، وفيه حضور الملائكة حينئذ وتأمينهم”1.

وعنها رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة، وقد شق بصره، فأغمضه، ثم قال”إن الروح إذا قبض تبعه البصر” فضج ناس من أهله، فقال”لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون”، ثم قال”اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه”2، قال النووي في هذا الحديث: “دليل على استحباب إغماض الميت، وأجمع المسلمون على ذلك، قالوا والحكمة فيه ألا يقبح بمنظره لو ترك إغماضه ... وفيه استحباب الدعاء للميت عند موته ولأهله وذريته بأمور الآخرة والدنيا”3.

وقال القرطبي: “قال علماؤنا: قوله عليه السلام”إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً" أمر ندب وتعليم بما يقال عند المريض أو الميت، وإخبار بتأمين الملائكة على دعاء من هناك؛ ولهذا استحب العلماء أن يحضر الميت الصالحون، وأهل الخير حالة موته ليذكروه، ويدعوا له ولمن يخلفه ويقولوا خيراً فيجتمع دعاؤهم وتأمين الملائكة فينتفع بذلك الميت ومن يصاب به ومن يخلفه”4.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 صحيح مسلم بشرح النووي 6/ 222.

2 رواه مسلم، كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حُضر ح920.

3 صحيح مسلم بشرح النووي 6/ 223.

4 التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة 1/ 65، 66.

المبحث الثامن: وجوب إحسان الظن بالله تعالى وبخاصة عند الموت

يجب على المسلم أن يحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى في جميع أحواله، ويتأكد ذلك عند الموت.

روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: “لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله”1.

قال أبو سليمان الخطابي: “إنما يحسن بالله الظن من حسن عمله، فكأنه قال: أحسنوا أعمالكم يحسن ظنكم بالله، فإن من ساء عمله ساء ظنه، وقد يكون أيضاً حسن الظن بالله من ناحية الرجاء، وتأميل العفو، والله جواد كريم”2.

وقال النووي: “قال العلماء: هذا تحذير من القنوط، وحث على الرجاء عند الخاتمة .. ، قال العلماء معنى حسن الظن بالله تعالى: أن يظن أنه يرحمه، ويعفو عنه، قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفاً راجياً، ويكونان سواء، وقيل يكون الخوف أرجح؛ فإذا دنت أمارات الموت غلب الرجاء، أو محضه؛ لأن مقصود الخوف: الانكفاف عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال، وقد تعذر ذلك أو معظمه في هذه الحال، فاستحب إحسان الظن، المتضمن للافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له، ويؤيده الحديث المذكور بعده “يبعث كل عبد على ما مات عليه”3؛ ولهذا عقبه مسلم للحديث الأول، قال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت ح2877.

2 معالم السنن، شرح على سنن أبي داود 3/ 484، شرح حديث 3113.

3 رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت ح2878

العلماء: معناه يبعث على الحالة التي مات عليها، ومثله الحديث الآخر بعده”1 يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم “إذا أراد الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم”2.

وروى البغوي في باب حسن الظن بالله تعالى، من كتاب الجنائز عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال”كيف تجدك؟ " فقال: والله يا رسول الله، إني لأرجو الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن، إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف”3.

وروى البغوي عن ابن عباس أنه قال: “إذا رأيتم الرجل بالموت فبشروه؛ ليلقى ربه وهو حسن الظن به، وإذا كان حياً، فخوّفوه بربه عز وجل”4.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير