تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال بعض أهل العلم: إن الله لم يبعث ملك الموت لموسى، وهو يريد قبض روحه حينئذٍ، وإنّما بعثه إليه اختباراً، فلطمه موسى عليه السلام لأنه رأى آدمياً داخل داره بغير إذنه، ولم يعلم أنه ملك الموت، فقد جاء في رواية”كان ملك الموت يأتي الناس عياناً فأتى موسى فلطمه ... ”2، وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة البشر فلم يعرفاهم ابتداء، وقد أباح الشارع فقء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب وفاة موسى وذكره بعد ح3407 ورواه مسلم، في كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى عليه الصلاة والسلام ح2372.

2 رواه الإمام أحمد 2/ 315 وقال: سنده صحيح على شرط مسلم، انظر صحيح الجامع الصغير 1/ 217 في الحاشية، وكذا قال الحاكم قبله في المستدرك 2/ 578.

عين الناظر في دار المسلم بغير إذنه، كما جاء في الحديث”من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم حل لهم أن يفقؤوا عينه”1، وعلى فرض أنه عرفه فلا دليل على مشروعية القصاص بين الملائكة والبشر، ولا دليل على أن ملك الموت طلب القصاص من موسى فلم يقتص له، ثم رد الله عين ملك الموت ليعلم موسى أنه جاءه من عند الله فلهذا استسلم حينئذ2.

ونقل النووي أنه لا يمتنع أن يأذن الله لموسى في هذه اللطمة امتحاناً للملطوم3.

وقال ابن حجر: “وقال غيره [أي غير النووي]: إنما لطمه؛ لأنه جاء لقبض روحه من قبل أن يخيره، لما ثبت أنه لم يقبض نبي حتى يخير، فلهذا لما خيره في المرة الثانية أذعن، قيل: وهذا أولى الأقوال بالصواب، وفيه نظر؛ لأنه يعود أصل السؤال، فيقال: لم أقدم ملك الموت على قبض نبي الله وأخل بالشرط؟ فيعود الجواب أن ذلك وقع امتحاناً، وزعم بعضهم أن معنى قوله (فقأ عينه) أي أبطل حجته، وهو مردود بقوله في نفس الحديث (فرد الله عينه)، وبقوله (لطمه وصكّه) وغير ذلك من قرائن السياق ... ، ورد الله إلى ملك الموت عينه البشرية؛ ليرجع إلى موسى على كمال الصورة، فيكون ذلك أقوى في اعتباره”4.

وكذا ذكر المناوي ت1031هـ أن موسى عليه السلام لطم موسى عليه الصلاة والسلام لما جاءه؛ لكونه لم يخير قبل ذلك5.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

1 رواه مسلم، في كتاب الآداب، باب تحريم النظر في بيت غيره ح2158.

2 انظر شرح السنة 5/ 266، 267، وفتح الباري 6/ 442 وسنن النسائي بشرح السيوطي 4/ 118، 119 وصحيح مسلم بشرح النووي 15/ 129، والبداية والنهاية 1/ 296.

3 انظر صحيح مسلم بشرح النووي 15/ 129.

4 فتح الباري شرح صحيح البخاري 6/ 442، 443.

5 انظر فيض القدير شرح الجامع الصغير 5/ 501.

المبحث العاشر: الأعمال بالخواتيم

المطلب الأول: الأدلة على أن الأعمال بالخواتيم

ذكر البخاري في كتاب القدر من صحيحه (باب العمل بالخواتيم) وساق بسنده حديثين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدهما: “عن سهل بن سعد أن رجلاً من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا، فاتبعه رجل من القوم، وهو على تلك الحال من أشدّ الناس على المشركين، حتى جرح فاستعجل الموت، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه، فأقبل الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسرعاً فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال: وما ذاك؟ قال: قلت لفلان من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين، فعرفت أنه لا يموت على ذلك، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إن العبد ليعمل عمل أهل النار، وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم”1.

وفي موضع آخر ذكر البخاري (باب الأعمال بالخواتيم وما يخاف منها)، وذكر فيه الحديث السابق عن سهل بن سعد الساعدي وفيه قوله صلى الله عليه وسلم “إن العبد ليعمل ـ فيما يرى الناس ـ عمل أهل الجنة، وإنه لمن أهل النار، ويعمل ـ فيما يرى الناس ـ عمل أهل النار، وهو من أهل الجنة، وإنما الأعمال بخواتيمها”2.

قال ابن بطال: “في تغييب الله عن عباده خواتيم أعمالهم حكمة بالغة وتدبير لطيف؛ وذلك أنه لو علم أحد خاتمة عمله لدخل الإعجاب والكسل من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير