تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمثال الذي ضربه الخواجه أحمد الدين بالغ القبح والشناعة، وينبئ عن فجور قلبه وسوء أدبه، حيث يشبه الرسول e بالأجنبي الذي يطمع في زوجة غيره، ويمثل الله سبحانه بما لا أعيد حكايته، وإن كان ناقل الكفر للرد عليه ليس بكافر، ثم إن الزوج لا يملك من زوجته شرعاً أن يبيحها من يشاء، أما الله سبحانه فهو فعال لما يريد لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، وقد حكم بأن الرسول يطاع بإذن الله.

أما قوله " إن الله لم يأمر بمثل ذلك) إن الحكم إلاّ للّه (" فنقول: قد أمر اللّه باتّباع الرسول e وقد مرّ آنفاً آيتان كريمتان فى ذلك، ولا ريب أنّ الحكم للّه وقد حكم اللّه باتّباع رسوله e وطاعته، فقال سبحانه:) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى اللّه والرّسول إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر ((النّساء: 59). وقال سبحانه:) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبينا ((الآحزاب: 36). وقال تعالى:) من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه ((النّساء:80). وقال سبحانه:) وما أرسلنا من رسول إلاّ ليطاع بإذن اللّه ((النّساء: 64). فظهر من هذه الآيات أنّ القوم إنّما فيهم كيد الإسلام وكراهته، وجعله شيئاً آخر يوافق أهواءهم العليلة،

كناطح صخرة يوماً ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ.

الشبهة الخامسة

يقولون: إن نسبة السنة إلى النبي e ليست يقينية؛ لأنها:

أولاً: تأخر تدوينها ولا يوثق بناقليها.

وثانياً: رويت بالمعنى، مع عدم كفالة الله بحفظها كالقرآن، وكثرة ما غزاها من الأحاديث الموضوعة.

أما الشق الأول: فيقول عبد الله جكرالوي: ((لم تدون السنة أيام حياته عليه الصلاة والسلام، وتناقلت () سماعاً إلى القرن الثالث الهجري، وإذا كان سامعونا لا يستطيعون ذكر ما تحدثنا عنه في خطبة الجمعة الماضية فكيف بسماع مائة سنة وصحة بيانه)) ().

وأكد حشمت علي هذا المعنى فقال: ((إن الصحاح () الستة التي يُفْتَخَرُ بها والتي يقال بحاجة القرآن إليها، كل تلك الكتب جُمعت ودونت في القرن الثالث حسب إقرار المحدثين)) ().

ويضيف عبد الله جكرالوي قائلاً: ((بالإضافة إلى هذا التأخر في تدوين السنة كان المجتمع المدني يضم كثيراً من المنافقين في صفوفه، وقد استحالت معرفتهم على النبي e فخاطبه ربه بقوله:) ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ((التوبة: 101)، فهذه الآية وشبيهاتها تنفي معرفة الرسول بهم، وأي شخص أكثر معرفة منه عليه الصلاة والسلام بهؤلاء)) ().

ووسع من هذا المفهوم في موضع آخر فقال: ((ليس في وسع المرء أن يطلع على حقيقة رواة الحديث صدقاً وكذباً؛ لأنهما من الأمور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا العليم بذات الصدور)) ().

ويقول الحافظ أسلم: ((قد كان للعواطف البشرية يد في تصحيح السنة وتضعيفها، وإنا لنرى توثيق الرواة لم ينحصر في الصدق فحسب، بل تجاوزه إلى التلمذة والتشيخ والمشاركة الفكرية والعواطف والميول الوجدانية)) ().

الرد على الفرية الأولى: وهي تأخر تدوين الحديث:

إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يُعْنَوْنَ بتدوين أحاديث رسول الله e في حياته وبعد مماته بإذن منه e .

روى البخاري بسنده عن همام بن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول: ((ما من أصحاب النبي e أحد أكثر حديثاً مني، إلا ما كان من حديث عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب)) ().

وروى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما فتح الله على رسوله e مكة … فقام أبو شاه - رجل من أهل اليمن – فقال: اكتبوا لي يا رسول الله فقال رسول الله e : (( اكتبوا لأبي شاه)) ().

وأخرج البخاري بسنده عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة قال: قلت: فما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر)) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير