11. مخالفة الحديث صريح القرآن كحديث مقدار الدنيا وأنها سبعة آلاف سنة، قال ابن قيم الجوزية: ((وهذا من أبين الكذب، لأنه لو كان صحيحاً لكان كل أحد عالماً أنه قد بقي للقيامة من وقتنا هذا مئتان وإحدى وخمسون سنة. قال تعالى:) يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو، ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة، يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ((الأعراف:187) ().
12. أن تكون ألفاظ الحديث أو معانيه ركيكة يمجها السمع ويدفعها الطبع ويسمج معناها للفطن كحديث ((إن لله ملكاً من حجارة يقال له: عمارة ينزل على حمار من حجارة كل يوم فيسعر الأسعار ثم يعرج)) ().
13. ما يقترن بالحديث من القرائن التي يُعلم بها أنه باطل مثل حديث وضع الجزية عن أهل خيبر، قال ابن قيم الجوزية، ((وهذا كذب من عدة وجوه: أحدها أن فيه شهادة سعد بن معاذ، وسعد قد توفي قبل ذلك في غزوة الخندق. ثانيها: أن فيه ((وكتب معاوية بن أبي سفيان)) هكذا، ومعاوية إنما أسلم زمن الفتح، وكان من الطلقاء)) إلى آخر الوجوه التي أوصلها إلى عشرة ().
ولم يكتفوا ببيان تلك الضوابط، بل أفردوا الموضوعات بكتب نُشر أكثرها، من أعظمها " الموضوعات " لابن الجوزي واشتمل على نحو خمسين كتاباً على ترتيب الكتب المصنفة في الفقه.
كما أن كتب العلل تذكر كثيراً من الحديث الموضوع، فهي السباقة لتنبيه الناس إلى الأحاديث الموضوعة، ولم يقتصروا على ذلك بل ألّفوا كتباً لبيان الضعفاء والمتروكين والوضاعين وأحاديثهم كالضعفاء للعقيلي والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي وكتاباهما جامعان لما سبقهما من الكتب المؤلفة في الضعفاء كالضعفاء لعلي بن المديني والضعفاء للبخاري والشجرة في أحوال الرجال للجوزجاني والضعفاء والمتروكين للنسائي.
فكيف يحاول رجال بعد ذلك نزع الثقة بالسنة لوجود الأحاديث الموضوعة التي ميّزها أهل العلم وأُمن اختلاطها بالصحيح؟ فما مَثَلُهم في محاولتهم تلك إلا كمثل متطبب جاهل عُرِض عليه مريض مصاب بخراج في إحدى أصابع يده ويكفيه إزالة هذه الأصبع وحدها فقال ذلك الجاهل: لا علاج له إلا بتر اليد من أصلها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((الواجب أن يفرق بين الحديث الصحيح والحديث الكذب، فإن السنة هي الحق دون الباطل، وهي الأحاديث الصحيحة دون الموضوعة فهذا أصل عظيم لأهل الإسلام)) ().
الشبهة السادسة.
زعمهم أن التمسك بالسنة يفرق الأمة وأنها لو انسلخت منها
لاتحدت.
يقول جكرالوي: ((لا ترتفع الفرقة والتشتت عن المسلمين، ولن يجمعهم لواء ولا يضمهم مكتب فكر موحد، ما بقوا متمسكين بروايات زيد وعمرو)) ().
ويؤكد المعنى نفسه حشمت علي فيقول: ((لن تتحقق وحدة المسلمين ما لم يتركوا كتبهم الموضوعة في طاعة الرسول e ، ولن يروا سبيل الرقي والتقدم ما لم يمح عنهم التشتت والفرقة)) ().
ويقول برويز: ((قد فاق تقديس هذه الكتب (كتب السنة) كل التصورات البشرية، مع أنها جزء من مؤامرة أعجمية استهدفت النيل من الإسلام وأهله)) ().
ويعلل ذلك فيقول: ((فما أصحاب الصحاح الستة إلا جزء من تلك المؤامرة، لذا نجدهم إيرانيين جميعا، لا وجود لساكن الجزيرة بينهم، والشيء المحير للعقول أن العرب لم يسهموا في هذا العمل البناء، بل أسندوا جمع الأحاديث وتدوينها إلى العجم حتى تم بناء هذا الصرح المؤامر)) ().
الرد:
أثبت الواقع أن المسلمين لما كانوا متمسكين بالسنة كانوا أكثر ترابطاً وانسجاماً وقوة وغلبة للأعداء، وأن الأمر انعكس لما خالف بعضهم السنة، فقد ذكر الله أن نسيان حظ مما ذكر الناس به يؤجج نار العداوة والبغضاء بينهم، قال تعالى:) فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ((المائدة:14).، وقال e : (( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنة نبيه)) ()، ثم إنكم انسلختم عن السنة فهل اتحدتّم؟ بل أنتم مختلفون فيما بينكم شر اختلاف، فبرويز رد على جكرالوي، وأصبحتم أربع فرق ولم تتفقوا فيما بينكم على عدد ركعات الصلوات فضلا عن بقية الشعائر التعبدية، وسائر المعاملات.
¥