وقال -أي الغزالي- في كتابه 'المفصح بالأحوال': إن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء، ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.
? التعليق:
من أراد أن يعرف أصول الباطل فليقرأ فتاوى هؤلاء العلماء وبيانهم لهذا الضلال البعيد الذي قراءته تكفي عن التعليق عليه والتحذير منه، ولهذا يقال في المثل الشائع، شر البلايا ما يضحك، فأحيانا ينقلب البكاء ضحكا لكثرة التعجب والعجب، هل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر يستطيع النطق بهذه العظائم التي مفادها الخروج عن المنهاج القرآني والنبوي والدخول في منهاج الزنادقة من باطنية وحلاجية وغيرهم نسأل الله العافية.
7 - فتوى الإمام أبي الحسن بن سكر:
جاء في السير: ولأبي الحسن بن سكر رد على الغزالي في مجلد سماه 'إحياء ميت الأحياء في الرد على كتاب الإحياء'.
8 - فتوى الإمام أبي بكر بن العربي:
جاء في السير: قال أبو بكر بن العربي في شرح الأسماء الحسنى: قال شيخنا أبو حامد قولا عظيما انتقده عليه العلماء فقال: وليس في قدرة الله أبدع من هذا العالم في الإتقان والحكمة ولو كان في القدرة أبدع أو أحكم منه، ولم يفعله لكان ذلك منه قضاء للجود، وذلك محال، ثم قال، والجواب أنه باعد في اعتقاد عموم القدرة ونفي النهاية عن تقدير المقدورات المتعلقة بها، ولكن في تفاصيل هذا العالم المخلوق لا في سواه، وهذا رأي فلسفي قصدت به الفلاسفة قلب الحقائق ونسبت الإتقان إلى الحياة مثلا، والوجود إلى السمع والبصر حتى لا يبقى في القلوب سبيل إلى الصواب، وأجمعت الأمة على خلاف هذا الاعتقاد، وقالت عن بكرة أبيها إن المقدورات لا نهاية لها لكل مقدر الوجود لا لكل حاصل الوجود، إذ القدرة صالحة، ثم قال: وهذه وهلة لا لعا لها ومزلة لا تماسك فيها، ونحن وإن كنا نقطة من بحره فإنا لا نرد عليه إلا بقوله.
قلت: يشير أبو بكر بن العربي إلى ما جاء في الإحياء في بيان حقيقة التوحيد الذي هو أصل التوكل قال ما نصه: وكل ما قسم الله تعالى بين عباده من رزق وأجل وسرور وحزن وعجز وقدرة وإيمان وكفر وطاعة ومعصية، فكله عدل محض لا جور فيه وحق صرف لا ظلم فيه، بل هو على الترتيب الواجب الحق على ما ينبغي، وكما ينبغي، وبالقدر الذي ينبغي وليس في الإمكان أصلا أحسن منه، ولا أتم منه، ولا أكمل، ولو كان وادخره مع القدرة ولم يتفضل بفعله لكان بخلا يناقض الجود، وظلما يناقض العدل.
وجاء في درء تعارض العقل والنقل ما نصه:
وخالفه أي الغزالي القاضي أبو بكر في كثير من تلك الأجوبة، وكان يقول: شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة، ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر.
? التعليق:
وهل أصدق من هذا فأبو بكر تلميذه المخلص ومع ذلك يصف الغزالي بما ترى. ويرى أنه سكن في بطون الفلاسفة، فمعظم آرائه التي تصدر منه هي من ذلك الأصل، ومن ذلك المنبع، فبئس الآخذ والمأخوذ منه، ومن أراد أن يتعرف على حال الفلاسفة، فليقرأ كتاب تعارض العقل والنقل فإنه كشف عن عوارهم وبين حالهم، وأيا ما كان فأبو بكر بن العربي يرى أن شيخه خالف بقولته هذه عقيدة المسلمين، ووصف الله تبارك وتعالى بما لا يجوز له، ولا يجوز في حقه، فمن يحدد صفاته وأسماءه فذاك هو الإلحاد فيها، فقدرة الله لا نهاية لها ولا حصر، والله تعالى له الحكمة في خلقه يرحمهم برحمته ويوجدهم بقدرته حسب ما تقتضيه حكمته، فما عليهم إلا الإيمان والتسليم والتحدث بنعمه وآلائه، وأما اعتراضه تعالى، ومناقشته والحكم عليه فهذا ما قدر الله حق قدره. فعلم يجري بصاحبه في هذه المتاهات وهذه الضلالات فلا خير فيه ولا بركة.
9 - فتوى الإمام الذهبي:
جاء في السير: "قلت: أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء، ومنحرفي الصوفية، نسأل الله علما نافعا، تدري ما العلم النافع؟ هو ما نزل به القرآن وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، ولم يأت نهي عنه، قال عليه السلام: «من رغب عن سنتي فليس مني».
¥