تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأولى: أن يكون كافراً أصلياً كاليهودي والنصراني والبوذي وغيرهم، فهذا كفره ظاهر جلي، ومن لم يكفِّره أو شك في كفره أو صحح مذهبه فقد كفر وخرج من ملَّة الإسلام بذلك، وهو داخل فيما ذكرناه فيما سبق.

الثانية: أن يكون مسلماً فارتكب ناقضاً يخرجه من الإسلام، مع زعمه ببقاءه على إسلامه، فإن كان ما ارتكبه من النواقض صريحاً ومحل إجماع عند أئمة الإسلام كمن استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم أو سبَّه أو جحد شيئاً معلوماً من دين الإسلام بالضرورة فلا يخلو الممتنع من تكفيره من حالين:

الأولى: أن ينكر أن يكون ما وقع فيه ناقضاً من نواقض الإسلام، فهذا حكمه حكمه، بعد قيام الحجة عليه.

الثانية: أن يُقرَّ بكون ما وقع فيها ناقضاً من نواقض الإسلام، لكنه احترز من تكفيره، لاحتمال ورود العُذر عليه، فهذا لا يَكفر.

وإن كان ما ارتكبه من النواقض محل خلاف عند أئمة الإسلام كترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج، فهذا لا يكفَّر أيضاً، والله أعلم.

الناقض الرابع:

(من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، وكالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه):

يجب أن يعتقد المسلم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره وحي من الله تعالى، فالسنة قسيمة للقرآن بالوحي، قال تعالى: [النّجْم: 3 - 4] {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى *إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى *}.

فكل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ فالأصل به أنه وحي من ربه بواسطة جبريل، وإن لم يُسنِده عنه في كل حال.

روى الخطيب في «الكفاية»: (ص 20) عن أحمد بن زيد بن هارون قال: إنما هو صالح عن صالح وصالح عن تابع وتابع عن صاحب وصاحب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله عن جبرائيل وجبرئيل عن الله عز وجل.

وهذا هو إسناد شريعة محمّد عليه الصلاة والسلام، فلا يقول شيئاً في التشريع من تلقاء نفسه.

ولذا يسمي السلف القرآن والسنة (الوحيين) وهذا مُسلَّم لدى المسلمين، وقد ترجم البخاري في كتاب التوحيد من «صحيحه»: (باب ذكر النبي وروايته عن ربه)

وفي هذا روى الدارمي وأبوداود في «المراسيل» والخطيب في «الكفاية» و «الفقيه والمتفقه» وابن عبد البر في «الجامع» والمروزي في «السنة» عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن.

فالسنة وحي، وهذا متقرر عند أئمة الإسلام عامة من السلف والخلف.

قال الشافعي رحمه الله:

(السنة وحي يتلى) انتهى.

ونحوه قال ابن حزم في «الإحكام»: (4/ 505).

والسنة موصوفة بالإنزال كالقرآن.

قال الخطيب البغدادي في مقدِّمة «الكفاية»: (ص 2): (وخلَّص الورى من زخارف الضلالة، بالكتاب الناطق والوحي الصادق، المنزلين على سيد الورى .. ).

وقال العراقي في «طرح التثريب»: (1/ 15، ط. الأزهرية):

(ووصف السنة بالإنزال صحيح فقد كان الوحي ينزل بها كما ينزل بالقرآن .. ) انتهى

إذا عُلِم هذا عُلم أن من ردّ أو جحد السنة أو شيئاً منها، فقد ردّ أو جحد القرآن أو شيئاً منه.

ومعارض السنة معارض القرآن، فكلاهما من وحي الله، وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم خير هدي كما جاء في «صحيح مسلم» من حديث جابر مرفوعاً: «خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد».

والوحيان ناسخان لكل شريعة سابقة، وهما أصلح شريعة يهتدى ويقتدى بها، فقد روى أحمد في «مسنده» من حديث محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: الحنيفية السمحة.

وسنده جيّد.

وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم كاملة لا نقص فيها: [المَائدة: 3] {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِْسْلاَمَ دِينًا} {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِْسْلاَمَ دِينًا}

وألزم الله بلزومها: [آل عِمرَان: 85] {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِْسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ *}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير