تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وخير منها أن يقسم الكلام إلى مسائل يبين ما يراه الحق فيها.


(1) المنار: أي: جمهورهم وإلا كان خطأ فالخلاف معروف.
(2) بينا في الجزء الماضي مرادنا بهذا القول وغيره مما لم يفهمه المنتقدون من كلامنا، وكلام ابن
القيم أيضًا.
(3) المنار: يشير إلى أن الله تعالى قال فيهم هذا حين وقفوا على النار، فطلبوا الرد إلى الدنيا، ثم
هو يقول: إن هذه دعوى مردودة بعد الفرق بين رؤية العذاب والوقوع فيه، ولكن الدعوى حق،
وما ردها به باطل، فليس سواء ذوق العذاب ورؤيته، ومن الغريب استشهاده على طلب الرجوع إلى
الدنيا بعد المكث في العذاب بما حكاه الله تعالى في قوله: (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا
تَرَكْتُ) وأول الآية (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (المؤمنون: 99 - 100) إلخ،
وأما الشاهد الثاني ففي محله.
(4) المنار: أليس من أسمائه تعالى الخالق البارئ والخلاق فكيف جزم بانقطاع تعلقها، وخالف قوله
في صفتي القهار والمنتقم؟ على أن القهار ليس بمعنى المعذب، والانتقام يصدق بكل عقاب، ويرد
عليه أسماء أخرى كالعفو والغفور أيضًا.

((مجلة المنار ـ المجلد [22] الجزء [5] صـ 379 شعبان 1339 ـ أبريل 1921))
فناء النار والرد على ابن القيم
(2)
قسَّمنا الموضوع في الكلام على فنائها ثلاثة أقسام: الأول في الآثار التي
استشهد بها العلامة ابن القيم على فنائها، الثاني على الآيات الثلاث، الثالث على
مقتضى الصفات ومجال العقل فيها:
أما الأول فقد تكلمنا عليه في النبذة الأولى، وبَيَّنا أن الآثار لا تصح عن عمر
ولا عمن روى عنه من الصحابة، رضي الله عنهم. وقُلنا: حتى لو صح لما كان
حجة في هذه المسألة الكبرى الاعتقادية، وأما الكلام على الآيات الثلاث فمداره
على تحقيق معنى الخلود المستثنى منه أولاً، والمشيئة ثانيًا، والمقصود من الاستثناء
ثالثًا، وهل هذه الآيات من المحكم أو من المتشابه.
أما الخلود المذكور في هذه الآية (آية الأنعام) و (آية هود) وجميع آيات
القرآن، فهو لا يعرف إلا من كتب اللغة، وقد رأينا لسان العرب الذي هو أكبر
قاموس وأعظم معجم عربي يقول: (الخلد) دوام البقاء في دار لا يخرج منها: خلد
يخلد خلدًا وخلودًا: بقي وأقام، ودار الخلد: الآخرة، لبقاء أهلها فيها. اهـ. ومما
يدل على أنهم يستعملون الخالد مجازًا فيما لا يبقى لطول مدته قول صاحب اللسان:
والمخلد من الرجال: الذي أَسَنَّ ولم يَشِب، كأنه مخلد لذلك. وخلُد يخلُد خلدًا وخلودًا:
أبطأ عنه الشيب كأنما خلق ليخلُد، قال: والخوالد: الأثافي في مواضعها، والخوالد:
الحجارة والجبال والصخور لطول بقائها بعد دروس الأطلال اهـ. فانظر إلى قوله
فيمن أبطأ عنه الشيب (كأنما خلق ليخلد) وقوله (لطول بقائها) للأثافي والحجارة
والجبال، فإنهم شبهوها بما لا يبقى ولا يزول وتصوروا فيها - لطول البقاء - ما
يصح أن يطلق عليه لفظ الخلود الذي لم يوضع إلا لدوام البقاء، كما ذكر معناه الأول
أول المادة، ومنه تعلم أن الفناء مناقض له كل التناقض لأنه قطع البقاء الذي أخبر الله
به وعدًا ووعيدًا في سبعمائة آية من كتابه في الجنة والنار، ففرق قوم بين الأخبار
بدون دليل يصار إليه ويقوم حجة على خصمهم. تقول لهم: يا قوم - هداكم الله - في
كل من الجنة والنار قال الله:] خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً [(النساء: 57) و] خَالِدِينَ
فِيهَا [دون أبدًا، فبأي شيء فرقتم بين الخلودين والأبدين، فلا تجد إلا تعليلات
واهية وكلامًا طويلاً ضرره أكثر من نفعه كأنهم لم يجدوا غير الخلاف صناعة، ولا
سوى الكلام بضاعة حتى اضطر أن يجاريهم من لم يكن منهم - ابن قيم الجوزية -
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وأما الأبد فقال في اللسان في مادة أبد: والأبد: الدائم، والتأبيد: التخليد،
وأبد بالمكان يأبِد - بالكسر - أبودًا: أقام به ولم يبرحه اهـ. فعلى هذا لا يستدل بما
اصطلح عليه الناس (كالمصريين) في التأبيد إذ جعلوا له مدة محدودة، ولم ينزل
القرآن بلغتهم ولا عبرة باصطلاح ولا عرف يخالف أصل اللغة التي نزل بها كلام
الحكيم الخبير.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير