أما عن مؤلفاته فكان أول كتاب عرف به وظهرت كفاءته وإتقانه وهو كتاب الرسالة للإمام الشافعي، ثم شرح سنن الترمذي شرحا دقيقا، واشترك مع الشيخ حامد الفقي في شرح سنن أبي داود وشرح ابن حبان، وحقق المحلى لابن حزم، ولم يقتصر علمه على الحديث فقط بل كان له باع طويل في تحقيق كتب الأدب والشعر فحقق كتاب لباب الأدب لأسامة بن منقذ، والشعر والشعراء لابن قتيبة، والمفضليات والأصمعيات وذلك بالاشتراك مع ابن خاله الأستاذ عبد السلام بن محمد هارون، واشترك مع أخيه الأستاذ محمود شاكر في تحقيق تفسير الطبري مع التعليق عليه، ولكن كان يعيب الشيخ رحمه الله انه لم يكن يتم مؤلفاته.
أما عمله الذي استولى به على الغايات وظل عاكفا عليه أكثر من ثلاثين سنة فهو شرحه لمسند الإمام أحمد بن حنبل فقد أصدر منه خمسة عشر جزءا فيها من البحث والفقه والمعرفة ما لم يلحقه فيه أحد في زمانه هذا.
أما أهم ما ألفه الشيخ رحمه الله فهو كتاب 'نظام الطلاق في الإسلام' والذي يدل على اجتهاده وعدم تعصبه لمذهب من المذاهب، فقد استخرج فيه نظام الطلاق من نص القرآن والسنة ونصر في هذا الكتاب آراء شيخ الإسلام ابن تيمية والتي كانت سببا للبلاء الذي وقع على ابن تيمية قديما، وكان لظهور هذا الكتاب ضجة كبيرة بين العلماء وقتها ذلك؛ لأن المتعصبين للمذاهب والجامدين شنوا عليه حربا شعواء كالتي شنت من قبل على ابن تيمية، ومن أكثر الناس الذين حاربوا أحمد شاكر بسبب اجتهاده هو الشيخ زاهد الكوثري وكان من متعصبة الأشاعرة الكارهين وبشدة لابن تيمية، فألف الشيخ الكوثري كتابا ضخما سماه 'الإشفاق من الطلاق' سوده بالكثير من الكلام الذي يدل على تعصبه وجموده الشديد وكرهه لابن تيمية وكل من ينتسب إليه.
كان الشيخ أحمد شاكر من طلائع العلماء الذين انضموا لجماعة أنصار السنة المحمدية مع مؤسسها الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله، وكان يكتب بانتظام في مجلة 'الهدي النبوي' لسان حال الجماعة فكان من المدافعين عن عقيدة السلف الصالح في وقت كانت الصوفية والأشعرية هما دين الجميع؛ العام والخاص، وكون الشيخ أحمد شاكر جبهة مع إخوانه من أهل العلم أمثال حامد الفقي ومحب الدين الخطيب وصادق عرنوس وغيرهم لنشر التوحيد بين أهل مصر وقتها.
كان الشيخ أحمد شاكر من أوائل من تكلم عن تحكيم الشريعة ووجوب تطبيقها في حياة المسلمين وجعل هذه القضية محور كلامه في كثير من مؤلفاته خاصة كتاب 'عمدة التفسير' وهو مختصر لتفسير ابن كثير وأثار الشيخ الكثير من القضايا والمستجدات على الأمة ووضح أن الحل لها هو تطبيق الشريعة، وكان مما اعتنى به الشيخ بيان خصوصية الإسلام وتميزه عن غيرة من الحضارات، وحذر من خطورة التقليد الأعمى للغرب، وكان رحمه الله أكثر المتصدين لمحاولات العلمانيين الأوائل لتغريب بلاد المسلمين، وحذر من محاولات الاختراق الغربي لمدارس المسلمين، وكشف حقيقة بعض المؤسسات المشبوهة وكونها تحارب الإسلام، وكان رحمة الله عليه أول من أثار العديد من القضايا العامة المتعلقة بمصير الأمة فكان بذلك من السباقين إلى معرفة داء الأمة وفهم مشكلاتها والإحاطة بحقيقة التوحيد بكل جوانبه.
الجدير بالذكر أن الشيخ أحمد شاكر ظل يعمل في القضاء الشرعي قاضيا بأحكام الشرع طيلة ثلاثين سنة حتى أحيل على المعاش سنة 1370 هـ وهو عضو بالمحكمة العليا ثم عاصر حادثة إلغاء المحاكم الشرعية سنة 1374 هـ فاعتصر الألم قلبه الضعيف مما رآه من إقصاء الشريعة عن حياة المسلمين وتحكيم القوانين الوضعية فمات رحمه الله في فجر يوم السبت 26 ذي القعدة سنة 1377 هـ عن عمر يناهز السادسة والستين قضاها في علم ودراسة وشرح وتأليف وقضاء واجتهاد حتى صار عالما ربانيا من طراز السلف رضي الله عنهم فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة.
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[10 - 07 - 05, 07:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخى الحبيب ...
هذا قدوة الأنام رحمه الله تعالى وآل شاكر جميعا
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[10 - 07 - 05, 07:05 ص]ـ
وثمة مشروع لبعضهم في جمع تراث الشيخ؛ لحفظه ونشره بين الناس
فنسأل الله لهم الإعانة والتيسير والإخلاص
ومن ذلك جمع مقالات الشيخ المتفرقة، المبثوثه في المجلات والصحف المتنوعة؛ المنار / الأزهر / الهدي النبوي / الرسالة / الكتاب / المقتطف ...
فهل من مساعدة؟
ولعلى أكتب بتفصيل أكثر فيما بعد فى موضوع مستقل