أما صاحبُ الكتابِ - وهو الأبذي - فقد توقفتْ كتبُ الطبقاتِ والتراجم عن الترجمةِ له إلا النزر اليسير، ولعلَ السببَ في ذلك تأخُره، فلم نجدْ سوى ترجمةٍ يسيرةٍ له ونبذة مختصرة عن حياتهِ. وإنا إذ نلقي الضوءَ على هذا المخطوطِ لنرجو اللهَ أن ينفعَ به، وأنْ يجعلَ في ذلك التوفيقَ والسداد.
ترجمة الأبذي
نسبه:
هو أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد الشهاب ويُقالُ: شهاب الدين البجائي الأٌبَّذي المغربي المالكي، نزيل الباسطية. ويُعرفُ بالأٌبَّذيٌ.
وهناك خلافٌ في لقبِه:
فقد ذهبَ الحميريُّ، والحافظُ ابن حجر، والحافظُ الذهبيُّ، والبدرُ الدمامينيُّ في حواشي المغني والسيوطي،وعبد الباقي اليماني، والزركلي، وعمر رضا كحاله إلى أن دالَ مدينة أُبَّذة التي ينتسب إليها المؤلفُ، معجمةٌ، ومن ثَمَّ فإن لقبَه، "الأبذي"بذال معجمة. .
وذهبَ صاحبُ لب اللباب والتكملة وياقوت الحموي والفيروزآبادي والسخاويُّ وحاجي خليفة إلى أن دالَ مدينةِ "أُبَّدة"مهملة. وعليه فإن لقَبه الأُبَّدي بدالٍ مهملة.
وأرجحُ أنه الأبذيّ بذالٍ معجمة، لأن اسمَ المدينةِ "أُبَّذة"، ثم لما تناقل الناسُ اسمَها أهملوا الذالَ، فصارتْ "أُبَّدة"، والدليلُ: أنها صارتْ تُعرف بأُبدة العربِ، فكلا اللقبين صحيحٌ. خاصة أن ياقوت ذكر الحرفين فيها.
نشأته:
هو من أهل "أُبَّذة"بقربِ جيان. نشأ في بلادِ الأندلسِ، وتعلَّمَ في بجاية.
ثم انتقل إلى القاهرة، فدرسَ بالأزهرِ، ثم بالباسطية حيث سكنها برغبةِ أحدِ شيوخهِ. وحجَّ وارتحل إلى المدينةِ المنورة.
شيوخه:
1 - البيوسقي البجائي:
هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الله البيوسقي المغربي البجائي محمد نزيل بجاية.
وقرأ عليه الشيخُ الأبذيُّ الشفا ببجاية.
2 - ابن القماح:
هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد الأنصاريّ الخزرجيّ الأندلسيّ التونسيّ المالكيّ بن القماح. سمعَ بتونس والقاهرة ورجعَ إلى بلادِه الأندلس فعني بالحديثِ واشتهرَ به. وقد ولي قضاءَ بعضِ الجهاتِ بالمغرب. كان حسنَ البشرِ، سمحَ الأخلاقِ، وقرأ عليه بعضَ الشفا الشهابُ الأبذيُّ ببجاية. مات سنةَ سبع وثلاثين وثمانمائة.
3 - القاياتي:
هو محمد بن علي بن محمد بن يعقوب بن محمد القاياتي القاهري الشافعي. وُلِد سنة خمس وثمانين وسبعمائة تقريباً بالقايات، بلد قرب الفيومِ، وقرأ القرآنَ وحفظ المنهاجَ وألفيةَ النحوِ، والتسهيلَ وغيرها، وعرض على جماعة. كان إماماً عالماً علاَّمة، غاية في التحقيقِ وجودةِ الفكرِ والتدقيقِ، واضح العبارة، صائب النظر، صارَ شيخَ الفنونِ بلا مدافعة، وتصدَّى للإقراءِ زماناً، فانتفعَ به خلقٌ، وتزاحمَ الناسُ عليه من سائرِ أربابِ الفنونِ والمذاهبِ، وانتشرت تلامذتُه، وصاروا رؤساءَ في حياتهِ، كلُّ ذلك مع الدينِ والعقلِ والتواضعِ، والتقشّفِ والحلمِ والاحتمال، توفي سنة 850. قال السخاوي عن الأبذيّ: "قدمَ القاهرةَ فحضرَ دروسَ القاياتي".
4 - ابن قديد:
هو عمر بن قديد، الركن، أبو حفص بن الأمير سيف الدين القَلَمْطائي القاهري الحنفيّ، ولد سنةَ خمسٍ وثمانين وسبعمائة بالقاهرةِ، ونشأ بها في غايةِ الرفاهيةِ، وكان من كبارِ الأمراءِ، ولي نيابة الكركِ والإسكندريةِ، وحفظ القرآنَ وبعضَ الكتبِ العلمية، وبحثَ في العرُوضِ وغيرهِ، وحجَّ مراراً وجاورَ، وزارَ بيتَ المقدسِ والإسكندرية، وتقَّدمَ في الفنونِ. وفاقَ في النحوِ والصرفِ. بحيث قيل إنه كان أنحى علماءِ مصرَ، وكان علاَّمةً خيِّراً متعبِّداً منقطعاً عن الناس، مع علو رتبتِه عندهم، متواضعاً مع الفقراء، بشوشاً، عاقلاً، ساكناً، طارحاً للتكلِّفِ في سائرِ أحوالهِ، على طريقةِ السلفِ، زائد الخفرِ والوقارِ، انتفع به الفضلاءُ، واشتهر اسمُه، مات بمكةَ سنة 856هفي رمضان، وكان من أئمة الحنفيةِ، اجتمعَ فيه العلمُ والزهدُ واتباعُ السلفِ.
5 - الجمال الكازَرُوني:
¥