تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن من الأمور التي أغفلها علماء الأصوات المحدثون أن علماء التجويد أدركوا ظاهرة التنغيم و عرفوا أمثلتها و أن بعضهم استخدم لفظة (النغمة) واكتفى بعضهم بعبارة (رفع الصوت وخفضه) وهومعنى التنغيم عند المحدثين.

ومن أقدم النصوص التي تحدثت عن التنغيم ما قااله أبو العلاء الهمذاني العطار عن اللحن الخفي: (و أما اللحن الخفي فهو اللحن الذي لا يقف عليه الا نحارير القراء و مشاهير العلماء وهو على ضربين: أحدهما لا تعرف كيفيته و لا تدرك حقيقته الا بالمشافهة و بالأخذ من أفواه أولي الضبط و الدراية. و ذلك نحو مقادير المدات و حدود الممالات و الملطفات و المشبعات و المختلسات و الفرق بين النفي و الاثبات و الخبر و الاستفهام و الاظهار و الادغام و الحذف و الاتمام و الروم و الاشمام الى ما سوى ذلك من الاسرار التي لا تتقيد بالخط و اللطائف التي لا تؤخذ الا من أهل الضبط و الاتقان) فقول أبي العلاء: الفرق بين النفي و الاثبات و الخبر و الاستفهام داخل في مو ضوع التنغيم و إن جاءت العبارة موجزة.

و كان ىمحمود السمرقندي الهمذاني قد فصل في هذا الموضوع تفصيلا لم يسبق اليه من الناحية التطبيقية، وقد قال في قصيدته العقد الفريد:

إذا (ما) لنفي أو لجحد فصوتها ار فعن و للاستفهام مكنن وعدلا

و في غير اخفض صوتها و الذي بما شبيه بمعناه فقسه لتفضلا

كهمزة الاستفهام مع من وعن وأن و أفعل تفضيل و كيف و هل و لا

قال في الشرح: (مثال ذلك: (ما قلت) فبرفع الصوت يعرف أنها نافية و إذا خفض الصوت يعرف أنها خبريةو إذا جعلت بينم بين عرف أنها استفهامية.وهذه العادة جارية في جميع الكلام وفي جميع الالسن) وهذا كلام غاية في الوضوح والدقة وهويتميز بنظرة شمولية نادرة تتجاوز المثال الجزئ الواحد الى عموم اللغة وتتجاوز اللغة الواحدة الى غيرها من اللغات وقوله: (وهذه العادة جارية في جميع الكلام وفي جميع الالسن) دليل اكيد على ما نقول.

وقد طبق السمرقندي فكرة رفع الصوت وخفضه على عدة صور نطقية متماثلة في البنية ولا يقرق بينها الا عن طريق التنغيم. ومن ذلك صيغة (افعل) التي تكون للتفضيل فقد قال: (فينبغي ان يفرق بالصوت بين الذي بمعنى التفضيل والذي ليس بمعنى التفضيل). وكذلك الفرق بين (لا) النافية و (لا) الناهية. وكذلك الالم التي لتاكيد الفعل وبعدها همزة وصل مثل (لاتبعتم) تشتبه بلا النافية التي بعدها همزة وصل في التلفظ نحو (لا انفصام لها) وقال السمرقندي: (والفرق بينهما انه في نحو (لا انفصام لها) يكتب بالفين وفي نحو (لاتبعتم) يكتب بالف واحدة ويرفع الصوت على (لا) ويخفض على اللام ... فهذا ما وصل الينا من الائمة رواية ودراية ومشافهة وبيانا).

واستخدم المرعشي كلمة (النغمة (نقلا عن النسفي صاحب التفسير المسمى (مدارك التنزيل وحقاءق التاويل) وذلك حيث قال: (قال صاحب المد\ارك في قوله تعالى:"قال الله على ما نقول وكيل "بعضهم يسكت على قال لان المعنى: قال يعقوب غير ان السكت يفصل بين القول والمقول وذا لايجوز فالاولى ان يفرق بينهما بالصوت فيقصر بقوة النغمة اسم الله تعالى انتهى. اقول (المرعشي): قوله (فيقصر) معناه: يمنع اسم الله تعالى عن ان يكون فاعلا لقال بقوة النغمة فيعلم انه ليس بفاعل بقال وكذلك استخدم الدركزلي كلمة (نغمات) قال: (قال بعض المحققين ينبغي ان يقرأ القران على سبع نغمات:فما جاء من اسمائه تعالى وصفاته فبالتعظيم والتوقير وما جاء من المفتريات عليه فبالاخفاء والترقيق وما جاء في ردها فبالاعلان والتفخيم وماجاء من ذكر الجنة فبالشوق والطرب وما جاء من ذكر النار والعذاب فبالخوف والرهب وما جاء من ذكر الاوامر فالبطاعة والرهبة وما جاء بذكر النواهي فبالإبانة والرهبة. انتهى.

ولا شك في ان اكثر هذه الاقسام امكانية تنويع النغمة عند نطقها ولكن بعضا منها لا يتبين فيه ذلك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير