يقال "أرغَمَ الله أنفَهُ" أي: ألزَقَه بالرَّغام، وهو التراب، ثم يقال "على رَغْمه" و"على رَغْمِ
أنفِهِ" و"إن رَغِم أنفُه".
ويقولون "قَمْقَمَ الله عصَبَه أي: جمعه وقبضه، ومنه قيل للبحر "قَمْقَام" لأنه مُجتمع الماء.
ويقال: "استأصَل الله شأْفته" الشأفة: قَرْحة تخرج في القدَمِ فتُكوى فتذهب، يقال منه:
شَئِفَتْ رِجْله تَشْأَفُ شَأَفاً، يقول: أذهبك الله كما أذهب ذاك.
"أسكت الله نأمَته" مهموزة مخففة الميم، وهي من النَّئيم وهو الصوت الضعيف. ويقال
نامَّته - بالتشديد غير مهموز - أي: ما ينمُّ عليه من حركته.
ويقال "سخَّم الله وجهَهُ" أي: سوَّده، من السُّخام، وهو سواد القِدْر.
"أباد الله خَضْرَاءَهم" أي: سَوَادهم ومعظمهم، ولذلك قيل للكتيبة: خضراء.
قال الأصمعي: لا يقال "أبادَ الله خَضْرَاءَهم ولكن يقال "أباد الله غَضْراءَهم" أي: خَيْرَهم
وغَضَارَتهم، والغَضْرَاء: طينة خضراء حُرَّة عَلِكة، يقال: أنْبَطَ بئره في غَضْرَاء.
وقوله "بالرِّفاءِ والبَنِين" يُدعى بذلك للمتزوّج، والرِّفاء: الالتحام والاتفاق، ومنه أخذ "رَفْء
الثَّوب. ويقال: بالرِّفاء من "رَفَوْتُ الرجل" إذا سكَّنْته، قال الهذلي:
رَفَوْني وقالوا يا خُويلدُ لا تُرَعْ = فقلتُ وأنكرتُ الوُجُوهَ هُمُ هُم
ويقال منِ اغتابَ خَرَقَ، ومَنِ اسْتَغْفَرَ رَفأ.
وقولهم "مرحباً" أي: أتيت رُحْباً، أي: سَعَة، وأهلاً أي: أتيت أهلاً لا غُرَباء فأنَسْ ولا
تستوحِشْ، وسهلاً أي: أتيت سهلاً لا حَزْناً، وهو في مذهب الدعاء، كما تقول: لقيتَ خيراً.
ولكن جاء في خزانة الأدب
قال ابن السيد: إن قيل كيف جاز أن يقول لهم: عموا صباحا، وهم في الليل. وإنما يليق
هذا الدعاء بمن يلقى في الصباح. فالجواب من وجهين: أحدهما: أن الرجل إذا قيل له: عم
صباحاً، فليس المراد أن ينعم في الصباح دون المساء، كما أنه إذا قيل أرغم الله أنفه،
وحيا الله وجهه، فليس المراد الأنف والوجه دون سائر الجسم. وكذلك إذا قيل له: أعلى
الله كعبك. وإنما هي ألفاظٌ ظاهرها الخصوص، ومعناها العموم. ومثله قول الأعشى:
الواطئين على صدور نعالهم
والوطء لا يكون على صدور النعال دون سائرها. والوجه الثاني: أن يكون معنى أنعم
الله صباحك: أطلع الله عليك كل صباح بالنعيم، لأن الصباح والظلام نوعان، والنوع يسمى
به كل جزء منه بما يسمى به جملته. والشعب، بالكسر: الطريق إلى الجبل. و وسماً،
بالضم: جمع وسيم، وهو الذي عليه سمة الجمال. وكذلك الصباح، بالكسر: جمع صبيحٍ.
شبه بالصبح في إشراقه. وطهيت: طبخت، يقال: طهيت اللحم وطهوته فأنا طاهٍ. وقوله:
لا أبغي لذلكم قداحاً، أي: لا أطلب ضرب القداح، لأنهم كانوا إذا أرادوا فعل أمرٍ ضربوا
بالقداح، فإن خرج القدح المكتوب عليه: افعل، فعل الأمر. وإن خرج القدح المكتوب عليه:
لا تفعل، لم يفعل الأمر.
يتبع،،،
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 02:31 م]ـ
باب تأويل كلامٍ من كلامِ الناس مُستعمل
يقولون: "حَلَبَ فُلانٌ الدَّهرَ أشْطَرَه" أي: مرَّت عليه صُروفه من خيره وشره، وأصله من
أخْلافِ الناقة، ولها شطران: قادِمان، وآخِران، فكل خِلْفين شَطْر.
ويقولون: "ما بفلان طِرْق" أي: ما به قُوَّة وأصل الطِّرْق الشحم، فاستعير لمكان القوة؛ لأن
القوة أكثر ما تكون عنده.
ويقولون: "ادْفَعْهُ إليهِ برُمَّته" وأصله أن رجلاً دفع إلى رجل بعيراً بحَبْلٍ في عنقه، والرُّمَّة:
الحبل البالي، فقيل ذلك لكل مَنْ دفع شيئاً بجملته لم يحتبس منه شيئاً، يقول: "ادفعه إليه
برمته" أي: كُلَّه. وهذا المعنى أراده الأعشى في قوله للخَمَّار:
فقلتُ له هذِهِ هاتِهَا = بأَدْمَاءَ في حَبْلِ مُقْتَادِهَا
أي: بِعْني هذه الخمر بناقة برُمَّتها.
ويقولون: "ما به قَلَبَة"، قال الفَرَّاء: أصله من القُلاَب، وهو داء يصيب الإبل، وزاد
الأصمعي: يشتكي البعير منه قَلْبَه فيموت من يومه، فقيل ذلك لكل سالم ليست به علة
يُقَلّب لها فيُنظر إليه، قال الراجز:
ولَمْ يُقَلّبْ أرضَهَا البَيْطَارُ = ولا لحبْلَيْهِ بِهَا حَبَارُ
الحَبَار: الأثَرُ، أي: لم يقلِّب قوائمها من علة بها.
وقد كان بعضهم يقول في قولهم "ما به قَلَبَة"
أي: ما به حَوَل؛ قال أبو محمد عبد الله: هذا هو الأصل، ثمَّ استعير لكل سالم
ليست به آفة.
¥