ويقولون: "فلانٌ نَسِيجُ وَحْدِه" وأصله أن الثوب الرفيع النفيس لا ينسج على منوال غيره،
وإذا لم يكن نفيساً عُمل على منواله سَدَى عدَّة أثواب؛ فقيل ذلك لكل كريم من الرجال.
ويقولون: "لئيمٌ راضِعٌ" وأصله أن رجلاً كان يَرْضَع الغنم والإبل، ولا يحلبها لئلا يُسمع
صوت الحَلَب؛ فقيل ذلك لكل لئيم من الرجال؛ إذا أرادوا توكيد لؤمه والمبالغة في ذمه.
ويقولون: "هو على يَدَيْ عَدْلٍ"، قال ابن الكلبي: هو العَدْل بن جَزْء بن سَعْد العشيرة،
وكان وليَ شُرطة تُبّع، وكان تُبّع إذا أراد قتل رجلٍ دفعه إليه، فقال الناس: "وُضِعَ على يَدَيْ عَدْلٍ"
ثم قيل ذلك لكل شيء قد يُئس منه.
ويقولون لمن رفع صوته "قد رَفَعَ عَقِيرَتَهُ" وأصله أن رَجُلاً قُطعت إحدى رِجْليه فرفعها
ووضعها على الأخرى وصرخ بأعلى صوته؛ فقيل لكل رافعٍ صوته: قد رفع عقيرته،
والعقيرة: الساق المقطوعة.
ويقولون للمرأة السيئة الخلق "غُلٌّ قَمِلٌ" وأصله أن الغُلّ كان يكون من قِدٍّ وعليه شَعْر فيقمَل
على الأسير.
ويقولون "هو ابنُ عمِّي لَحًّا" أي: لاصق النسب من قولهم "لَحِحَتْ عينُه" إذا لصقت،
ويقولون في النكرة "هو ابنُ عم لَحّ".
ويقولون "أرَيْته لَمْحاً باصراً" أي: نظراً بتحديقٍ شديد. ومَخْرَجُ باصِرٍ مخرجُ لابنٍ وتامر
ورامح، أي: ذو تمر ولبن ورمح وبصر.
ويقولون "بَرِحَ الخفاء" أي: انكشف الأمر وذهب السِّتر، وبَرِحَ في معنى زال. ويقال: صار
في البَرَاح، وهو المتَّسع من الأرض.
ويقولون "لا تُبَلّمْ عليه" أي: لا تُقَبّحْ، وأصله من "أبْلَمَت الناقة" إذا ورم حَيَاؤها من شدة
الضّبعة.
ويقولون "النَّاسُ أخْيَافٌ" أي: مختلفون، مأخوذ من الخَيَفِ، وهو أن تكون إحدى العينين
من الفَرَس سَوْداء والأخرى زَرْقاء.
ويقولون "صَدَقُوهم القتالَ" وهو مأخوذ من الشيء الصَّدْق، وهو الصُّلْبُ، يقال: رمح
صَدْقٌ، ورجل صَدْقُ النظر، وصَدْقُ اللقاء.
ويقولون "طَعَنَهُ فقطَّرَه" أي: ألقاه على أحد قُطْرَيْه، والقُطْران: الجانبان.
ويقال "طعنه فجدَّله" أي: رمى به إلى الأرض، ومنه يقال للأرض: "الجَدَالَةُ" قال ذلك أبو
زيد، وأنشد:
قدْ أركبُ الآلةَ بعدَ الآلَهْ = وأترُكُ العاجِزَ بالجَدَالَهْ
مُنْعَفِراً ليستْ لهُ مَحَالَهْ
ويقولون "نَظْرَةٌ من ذي عَلَق" أي: من ذي هوًى قد عَلِقَ بمن يهواه قلبه.
ويقولون "بكى الصبي حتى فَحَم" بفتح الحاء، أي: انقطع صوته من البكاء، من قولك "فلانٌ
مُفْحَم" إذا انقطع عن الخصومة وعن قول الشعر.
ويقولون "عمل به الفَاقِرَة" وهي الداهية، يراد أنها فاقرة للظهر، أي: كاسرة لفَقَاره، يقال
"فَقَرَتْهُمُ الفَاقِرَة" و"رجل فَقِر، وفقيرٌ" أي: مكسور الفَقَار، ويقال: هو من "فَقَرْتُ أنفَ البعير"
إذا حززته بحديدة، ثم وضعت على موضع الحزِّ الجرير وعليه وَتَر ملويٌّ لتذلَّه وتروّضه.
ويقولون "هو ابن بَجْدَتها" يقال: "عنده بَجْدَة ذلك" أي: عِلم ذلك، و"هو عالم ببَجْدَة أمرك"أي: بدِخْلَتِهِ.
ويقال "غَضِبَ واسْتَشَاطَ" أي: احتدَّ، وهو من "شاطَ يَشيطُ" إذا احترق، كأنه التهب في
غضبه، قال الأصمعي: هو من قولهم "ناقة مِشْيَاط" وهي التي يظهر فيها السِّمَنُ سريعاً.
ويقولون "سَكْرَان ما يَبُتُّ" أي: لا يقطع أمراً، من قولك "بَتَتُّ الحَبْلَ" و"طَلَّقها ثلاثاً بَتَّة"،
قال الأصمعي: ولا يقال يُبِتُّ، قال الفراء: هما لغتان: بَتَتُّ عليه القضاء، وأبتَتِّه.
وقولهم "صَدَقَةٌ بَتَّةٌ بَتْلة" من "بَتَلْتُ" أي: قطعتها، يراد أنها بائنة من صاحبها مقطوعة لا
سبيل له عليها، ومنه قيل لمريم العذراء "البَتُول" أي: المقطوعة من الرجال.
ويقولون "كما تَدِينُ تُدان" أي: كما تَفعل يُفعل بك، وكما تُجازِي تُجازَى، وهو من قولهم
"دِنْتُه بما صَنَعَ" أي: جازيته.
ويقولون "عَدَا فلانٌ طَوْرَه" أي: جاوَزَ مقداره، هو من "طِوَار الدَّار" أي: ما كان ممتداً معها
من الفناء، ومنه يقال أيضاً "لا أطُور به" أي: لا أقْرَب فِنَاءه.
ويقولون "هو في أمرٍ لا يُنادَى وَلِيدُه" نرى أن أصله شدَّةٌ أصابتهم حتى كانت المرأة تنسى
وليدها، وتذهل عنه فلا تناديه، ثم صار مَثَلاً في كل شدة، وقال أبو عبيدة: هو أمر عظيم
لا يُنَادى فيه الصغار، وإنما يُنادَى فيه الجِلَّة الكبار، وقال أبو العَمَيثل الأعرابي: الصبيان
إذا رأوا شيئاً عجيباً تحشّدوا له، مثل القَرَّاد والحاوي؛ فلا يُنادَوْنَ، ولكن يتركون يَفْرَحون،
والمعنى أنهم في أمر عجيب. وقال غير هؤلاء: يقال هذا في موضع الكَثْرة والسَّعَة، أي:
متى أهوَى الوليد بيده إلى شيء لم يُزجر عنه، وذلك لكثرة الشيء عندهم.
ونحوٌ منه قولهم "هم في خَيْر لا يُطَيَّرُ غُرابه" يقول: يقع الغراب على شيء فلا يُنفَّر؛ لكثرة
ما عندهم.
ويقولون "هو جِلْفٌ" أي جافٍ، وأصله من أجْلافِ الشاء، وهو المسلوخة بلا رأس ولا
قوائم ولا بطن.
ويقولون "لكل ساقِطَةٍ لاقِطَةٌ" أي: لكل نادرة مَنْ الكلام من يحملها ويُشِيعها.
يتبع بحول الله وقوته
¥