وكما أشرتُ سابقاً فإن جميع تقليبات الكلمة الواحدة تكون في موضع واحد.
أعرض مقطعاً من مقدمة العين لتكون أنموذجاً لهذا الكتاب:
(بسم الله الرحمن الرحيم، بحمد الله نبتدئ ونستهدي وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل هذا ما ألفه الخليل بن أحمد البصري رحمة الله عليه من حروف أ ب ت ث مع ما تكلمت به، فكان مدار كلام العرب وألفاظهم، فلا يخرج منها عنه شيء، أراد أن تعرف به العرب في أشعارها وأمثالها ومخاطباتها فلا يشذّ عنه شيء من ذلك، فأعملَ فكره فيه فلم يمكنه أن يبتدئ التأليف من أول أ ب ت ث وهو الألف لأن الألف حرف معتل فلما فاته الحرف الأول كره أن يبتدئ بالثاني وهو الباء إلا بعد حجة واستقصاء النظر، فدبّر ونظر إلى الحروف كلها وذاقها فوجد مخرج الكلام كله من الحلق فصير أولاها بالابتداء أدخل حرف منها في الحلق، وإنما كان ذواقه إياها أنه كان يفتح فاه بالألف ثم يظهر الحرف نحو أب أت أح أع أغ، فوجد العين أدخل الحروف في الحلق فجعلها أول الكتاب ثم ما قرب منها الأرفع فالأرفع حتى أتى على آخرها وهو الميم، فإذا سئلت عن كلمة وأردت أن تعرف موضعها فانظر إلى حروف الكلمة فمهما وجدت منها واحداً في الكتاب المقدم فهو في ذلك الكتاب.
وقلّب الخليل أ ب ت ث فوضعها على قدر مخرجها من الحلق وهذا تأليفه (ع ح هـ خ غ ق ك ج ش ض ص س ز ط د ت ظ ث ذ ر ل ن ف ب م و ا ي همزة).
قال أبو معاذ عبد الله بن عائذ حدثني الليث بن المظفر بن نصر بن سيار عن الخليل بجميع ما في هذا الكتاب قال الليث قال الخليل كلام العرب مبني على أربعة أصناف على الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي فالثنائي على حرفين نحو قد لم هل لو بل ونحوه من الأدوات والزجر، والثلاثي من الأفعال نحو قولك ضرب خرج دخل مبني على ثلاثة أحرف، ومن الأسماء نحو عمر وجمل وشجر مبني على ثلاثة أحرف، والرباعي من الأفعال نحو دحرج هملج قرطس مبني على أربعة أحرف، ومن الأسماء نحو عبقر وعقرب وجندب وشبهه، والخماسي من الأفعال نحو اسحنكك واقشعر واسحنفر واسبكر مبني على خمسة أحرف ... ) الخ ...
المعاجم التي تبعت العين
سلك طريقة العين عدد من المعاجم، مع اختلافها في اتّباع العين في جميع المنهج أو بتغيير بعض ملامحه، لكن المنهج العامّ نستطيع أن نلمحه في تلك المعاجم، حيث إن ترتيب الحروف ترتيباً صوتياً، وتقسيم كل حرفٍ إلى أحد الأبنية، وتقليب الكلمات تحت كلّ بناء، من أهمّ الأسس التي بُنيت عليها تلك المعاجم مع بعض التغييرات في بعضها.
يتبع ...
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[25 - 10 - 2010, 01:32 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد:
ومن المعاجم التي سلكت مسلك العين ما يلي:
1 - البارع – أبو عليّ القالي (280 - 356هـ)
الأساس الأول:
تقسيم الكتاب إلى الحروف مرتّبةً بحسب مخارجها، لكنّ ترتيبه الحروف اختلف قليلاً عن ترتيب العين، وجاء ترتيبه على النحو التالي:
هـ، ح، ع، خ، غ، ق، ك، ض، ج، ش، ل، ر، ن، ط، د، ت، ص، ز، س، ظ، ذ، ث، ف، ب، م، و، ا، ي
الأساس الثاني:
تقسيم الحروف إلى أبنية، وقد اختلفت الأبنية هنا عن العين قليلاً:
1 - باب الثنائي في الخطّ والثلاثيّ في الحقيقة، وقصد به الثنائيّ المضاعف
2 - الثلاثيّ الصحيح
3 - الثلاثيّ المعتلّ
4 - باب الحواشي والأوشاب، وعنى به اللفيف
5 - الرباعيّ
6 - الخماسيّ
الأساس الثالث:
تقليب الكلمات على طريقة العين في التقليب.
2 - تهذيب اللغة – أبو منصور الأزهريّ (282 - 370هـ)
من أهمّ دواعي تأليفه:
أ- تقييد ما وعاه عن أفواه الأعراب الذين شافههم
ب- تبيينه الخلل الذي أصاب العربية في بعض الكتب ومنها كتاب العين
سلك مسلك العين في ترتيب الحروف وتقسيم الأبنية ونظام التقليبات، واعتمد العين أساساً لمعجمه – مع أنه ينكر أن يكون للخليل – وزاد عليه زيادات كثيرة، بعضها نقلها من الأعراب مشافهةً، وبعضها نقلها من الكتب.
3 - المحيط – الصاحب بن عبّاد (324 - 385هـ)
تبع العين في ترتيب الحروف وتقسيم الأبنية والتقليبات، لكنّه اعتنى بالألفاظ فاستكثر منها مع اختصاره في ذكر المعاني، ولذا فلا تجديد عنده على نظام العين.
4 - مختصر العين – أبو بكر الزُبيديّ (- 379هـ)
سلك مسلك العين في ترتيب الحروف.
¥