ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[06 Apr 2006, 04:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر بداية أخي الدكتور مساعد على هذا الطرح الرائع للموضوع والمداخلات التي اتحفنا بها، وأعرب عن بالغ سروري بالمشاركات التي اسهم بها ثلة من الفضلاء، وأعرب عن أسفي البالغ للتأخر في الاطلاع على هذه الزاوية، ولعلي أكون ممن لحق بالركب وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه نفع للمسلمين، هذا الوضوع حقيقة من الموضوعات التي كانت وما زالت تشغلني، ولعلي حينما قمت بجمع الرسائل العلمية في ميدان الدراسات القرآنية - كما يعلم بعض الاخوة- لم يكن في بالي إلا النهوض بالمستوى العلمي الذي ينبغي ترتقي إليه الدراسات القرآنية، وربما موضوع ورقة المؤتمر التي قدمتها قبل شهرين تقريبا (لمؤتمر التطورات الحديثة في دراسة القرآن) والذي انعقد في لبنان، وكان عنوانها: تطور البحث العلمي في العصر الحديث من خلال الرسائل الجامعية الدراسات القرآنية نموذجا) يكشف عن بعض الهم الذي ظل يساورني في هذا الميدان، ولعلي اتمكن من تزويد أفضالكم بهذه الورقة طمعا في كسب ملحوظاتكم نحو ما قدم فيها، وأيا ما كان الأمر فإنني سأقدم لكم ملخصها في الآتي:
تقدم هذه الورقة تصورا واضحا للدور الذي تلعبه الرسائل الجامعية في قضايا البحث العلمي، حيث تتخذ من ميدان الدراسات القرآنية نموذجا للدراسة، فهي تبين بداية أهمية أبحاث هذا النوع والقيمة العلمية لها، والمكانة التي تتخذها أبحاث هذا النوع، كما تسلط الضوء على المعوقات التي تواجه البحث العلمي، وتكشف عن حجم العلاقة بين البحث العلمي وبين الرسائل الجامعية،
كما تقدم الورقة تفسيرا علميا واضحا لأسباب الضعف الذي أدى إلى تدني المستوى العلمي للرسائل التي تنتجها الجامعات، وتوضح أسباب هذه المحنة، ثم تبين كيفية التغلب عليها.
ويمثل القسم الثاني من الدراسة توضيحا عمليا للنسب التي تنتجها الجامعات من الرسائل العلمية ومدى مقاربة العناوين للمضامين، كما تعطي تصورا واضحا وترسم صورة إجمالية لهذا النتاج ضمن خريطة ترسم الخطوط العامة للجامعات، وتكشف عما إذا كانت الجامعات تسير وفق خطط مدروسة أم هي العشوائية التي أفضت إلى محنة في البحث العلمي، وتقدم الدراسة أخيرا مقترحات تعين في الخروج من أزمة البحث العلمي التي تنتج عن هذا الموروث بدلا من إثرائه.
كما أود أن أشير إلى أ، كثيرا مما تمناه الأساتذة معمول به عندنا في جامعة اليرموك، وهو بفضل الله تعالى يحقق تجديدا واضحا في الدراسات العليا، من ذلك مثلا ان الطالب بعد تقديم خطته يدعى لسيمينار يحضره اساتذة الاختصاص ويناقش الطالب فيما كتب في خطته، وبعدها يلزم بتعديل الخطة وفق ما اشيرعليه، وكم من الفوائد العلمية اكتسبها طلبة الدراسات العليا من حضورهم مثل هذه المجالس كما ان الدعوة عامة والحضور مفتوح حتى لطلبة البكالوريوس وكثيرا ما يستفيد عموم الطلبة من هذه المجالس العلمية، ومن ذلك:
المواد التي يدرسها الطالب، فمن ذلك غير الذي أشار إليه الاخوة، وبعضه كان قد ورد مقترحا في مشاركات بعض الاساتذة الكرام:
مادة المشكل حيث تدرس في مساق متكامل وتفتح آفاقا بعيدة للطلبة
ومنها مادة اتجاهات حديثة في التفسير، ومنها مادة التجديد والدراسات المعاصرة في التفسير ومناهجه
كما اود إعلامكم بأن مجلس الجامعة عندنا بصدد إقرار قانون لا يسمح بتخرج طالب الدراسات العليا إلا بعد أن يكون قد نشر بحثا في مجلة محمكة هذا بالنسبة لطالب الماجستير أما طالب الدكتوراة فيلزم بأن يكون له بحثان ويصح ان يكون احدهما مقتطع من رسالة الماجستير، وذلك بغرض التدرب على البحث
وحتى لا أطيل على الإخوة - وقد فعلت- فإني أشفع مداخلتي هذه ببعض المقترحات للنهوض بهذا الجانب مبتدئا بذكر بعض المصاعب:
أولها: انعدام روح التنسيق بين جامعات البلد الواحد فضلا عن التنسيق بين الجامعات في بلدان اخرى
فلو اراد احدنا الحصول على ملخص رسالة فانه ربما يقضي ما يزيد على الشهرين للحصول عليه وبعد مروره بامور رسمية كثيرة من واقع الحجر على هذه الرسائل
ثانيها: عدم تفرغ طالب العلم للدراسة حيث المعروف ان اغلب الملتحين ببرامج الدراسات العليا إما موظفون يأتون بعد فراغهم من دوامهم الشاق والطويل أو مشغولون بكيفية التوفيق بين هم طلب العيش وجمع رسوم الدراسة وتكاليفها، وهذا -كما لا يخفى - لا يوفر الجو العلمي الذي ننتظره منه، و بعد الفراغ من المواد يلاحقه هم الالتحاق بالوقت فهو يريد الانتهاء باي صورة، وينعكس همه على الكتابة، ويخرج نتاجه مسلوقا بصورة منعت الاخرين من الورود على الموضوع، وفي الوقت ذاته لم يف الموضوع حقه.
ومما اقترحه في هذا الموضوع:
1 - ان يقدم الطالب بحثا في الموضوع الذي يريد الكتابة فيه، بمعنى أن ينظر في شروط القبول بحيث يكون ضمن الشروط تقديم مخطط لبحث الدكتوراة، ويسير الموضوع معه طيلة فترة الدراسة ويقدمه بحثا في احدى مواد الدراسة، فهو حقا السبيل الحقيقي لجعله يقتنع تماما بجدية السير بالموضوع، وهذا فعلا ما فعلته -بعد فضل الله علي - في مرحلة الدكتوراة، ولا غرابة فبعض الجامعات تقترح للقبول في برنامج الدكتوراة تقديم خطة.
2 - اقترح (وهذا يخص مدرس هذه المرحلة) أن يجعل المدرس مادته ورشة عمل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فيكون لدى المدرس من التفكير في المشاريع المتكاملة والتي تحتاج إلى جهود الطلبة بحيث يعودون إلى اكبر قدر من الكتب ويجمعون من موارد كتب التفسير، ولعلي اضرب لذلك مثلا يمكن ان يكون نموذجا لغيره
فمثلا إذا كنت ادرس مادة مشكل القرآن:
اختار آية من القرآن التي أثير حولها كثير من لمسائل ولم يستقر الرأي فيها، وأطلب من الطالب جمع أقوال المفسرين قديما وحديثا حولها، ثم يعمل على جمع هذه الأقوال وتصنيفها ثم فرزها، ثم الوقوف على طريقة ومنهجية كل مفسر في التعامل مع هذه الإشكالية، ثم رصد التطور في مفهوم الآية، وبيان
دور المذهبيات، والزمان، واتساع العلوم في تطور الفهم نحو هذه الاية فاكون حينها قد جمعت بين أكثر من فائدة
والله تعالى أعلم
وبارك الله فيكم
¥