تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سيدي رئيس لجنة المناقشة الأستاذ الدكتور التهامي الراجي الهاشمي، أستاذي الدكتور إدريس نقوري المشرف على الرسالة، السادة الأساتذة أعضاء لجنة المناقشة:

1 - الدكتور عبد الله الجهاد.

2 - الدكتور إبراهيم عقيلي.

3 - الدكتور عبد الهادي دحاني.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

يشرفني أن أتقدم بين أيدي اللجنة العلمية المحترمة بتقرير عن أطروحتي الجامعية لنيل دكتوراه الدولة:

بعنوان:

لسانيات الخطاب القرآني: مظاهر الاتساق و الانسجام.

أطروحة البحث: تنتظم القرآن الكريم وحدة نسقية يتطلب الكشف عنها البحث في الأبعاد القرآنية التالية:

1. البعد المعرفي: ويتضمن المبادئ العقدية التي تشكل مرجعية الإنسان المسلم في الوجود، فتحدد علاقته بالله تعالى، وبأخيه الإنسان وبالكون من حوله، كما يتضمن العبادات والمعاملات، والأخلاق والسلوك.

2. البعد اللغوي: إن القرآن الكريم عمل على صياغة مبادئه وتعاليمه الربانية صياغة لغوية عربية، و قد نص على ذلك أحد عشر مرة في القرآن الكريم.

وانطلاقا من هذين البعدين يمكننا القول أن القرآن الكريم عربي اللسان، عالمي الثقافة انطلاقا من قوله تعالى: (بلسان عربي مبين).

3. البعد التواصلي: عمل القرآن الكريم على ابتكار أساليب تواصلية فعالة، حيث نجده ينوع هذه الأساليب بحسب المقام والسياق، مما يجعله يتجاوب مع النفس البشرية في أبعادها المختلفة والمتنوعة، فمرة يخاطب فيه العقل، ويرشده إلى إعمال الفكر والنظر، والتفكر في الخلق، واستنباط السنن الكونية، ومرة يخاطب فيه الروح بأشواقها وتطلعاتها، وآمالها وآلامها. ومرة يرشده إلى الاستدلال المنطقي، و مرة يفتح عينيه على البديهيات. ويستعمل أسلوب الترغيب والترهيب، والقصة والمثل. مما جعل من القرآن الكريم منظومة تواصلية بالغة التأثير في المتلقي.

4. البعد الجمالي: لقد صيغ البناء المعرفي القرآني صياغة لغوية توفرت لها مقومات الجمال، وذلك بمراعاة القرآن الكريم التناسب بين أبعاده الأربعة بحيث لا يطغى بعضها على بعض، وإنما جعل بعضها يكمل الآخر، إنه البناء القرآني المتميز بالجلال والجمال.

عند قراءتنا القرآن الكريم قراءة تدبر تستعمل الأدوات اللسانية الحديثة، نفاجأ بهذه الأبعاد القرآنية السالفة الذكر تحملني على الدراسة والبحث بغية اكتشاف أسرارها حيث يكمن جزء كبير من الإعجاز القرآني. خاصة عندما يصبح الأمر متصلا بالبيان وإقامة الحجة والتدافع الحضاري. بعد أن تعالت أصوات هنا وهناك داعية لقراءة القرآن الكريم قراءة حرة مطلقة، ونادى آخرون بدمقرطة التفسير و أنه حق لكل إنسان. وظهرت قراءات جديدة للقرآن الكريم تتدثر في الغالب بمناهج لسانية، وسوسيولوجية، وتاريخية، وإنتروبولوجية، أدت إلى تحريف المعاني القرآنية، وإخراج النصوص عما هو مجمع عليه، فضلا عن تناقضها مع الحقائق الشرعية، وتعارضها مع مقاصد الشريعة الإسلامية، ومرد ذلك لعدم احترامها لخصوصيات القرآن الكريم، ومعاملته كسائر النصوص البشرية.

وليس معنى ذلك أننا نريد حجب هذه المناهج عن مقاربة الخطاب القرآني، بقدر ما نريد بيان حقيقة أساسية تتعلق بالقراءة الإيجابية للقرآن الكريم، وهي القراءة المقاصدية، التي تحفظ للقرآن الكريم خصوصياته، وتحقق مقاصده، ككتاب هداية، يبين للناس ما يحقق صلاحهم في الحال والفلاح في المآل.

إن كل منهج من المناهج المذكورة آنفا ـ متى احترم خصوصيات القرآن الكريم ـ يمكننا من الوقوف على مراد الله تعالى من الخطاب القرآني بحسب القدرة البشرية، حيث سينتهي بنا إلى قراءة ثلاثية الأبعاد:

أ. التلاوة.

ب. التدبر.

ت. التطبيق.

مما سبق يتبين لنا ضرورة البحث في لسانيات القرآن الكريم و مظاهر اتساقه وانسجامه، في محاولة جادة لنبرز للعالمين أن القرآن الكريم خلاف ما يوحي به ظاهره للبعض بأنه مفكك لا تنتظمه أية وحدة، وأنه عبارة عن تعاليم و طقوس لا وجود لخيط ناظم يجمع بينها إن القرآن على العكس من ذلك تنتظمه وحدة من نوع خاص تمثل فرادته و إعجازه، إنها الوحدة النسقية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير