ومنهم من ناقش المسألة من خلال بحث في كتابه كما فعل الدكتور محمد فاروق نبهان في كتابه (مبادئ الثقافة الإسلامية) , و الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه (من روائع القرآن) حيث عقد بحثاً بعنوان: هل من الممكن ترجمة القرآن؟
جميع هؤلاء وغيرهم كان لهم فضل السبق , والتذكير بجوانب مفيدة للموضوع , ولولا تعدد وجهات نظرهم لما أخصب هذا البحث.
وقد استجدَّ بحث ترجمة القرآن في القرن العشرين , حيث ظهرت عدة ترجمات بعد انهيار الشيوعية في الاتحاد السوفياتي , فأسرعت كل قومية إلى طباعة مصاحف مترجمة بلغاتها.
وتستند أهمية هذا البحث إلى أهمية هذه الظاهرة وإلى عالمية الإسلام , فينبغي ترجمة تفسير للقرآن الكريم إلى شتى لغات العالم, لئلا يحرم من ثمراته وفوائده أي مسلم على وجه البسيطة.
وتعدُّ الترجمة وسيلة من وسائل الدعوة , ومظهراً من مظاهر حوار الحضارات , قديماً وحديثاً ومستقبلاً , هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإنها تجمع بين البحث والتحقيق , وتصل القديم بالجديد.
لذا أحببت لفت نظر علماء المسلمين , وهيئاتهم العالمية , إلى خطورة هذا العمل , وحكم الإسلام فيه , بذكر ما خلص العلماء تجاه هذا الأمر , من وضع شروط وأسس معينة لترجمة تفسير القرآن الكريم.
كما رأيت أن هذا البحث يلبي حاجة المكتبة الإسلامية , ويفي بالغرض , لذا اخترته متوكلاً على الله تبارك وتعالى.
والله أسأل أن ينفعني به , وأن يأخذ بيدي , ويسدد خطاي.
منهجي في هذا البحث:أول ما قمت به هو تجميع المادة المطلوبة من مظانها ومصادرها القديمة والحديثة.
وحرصت على تحديد الموضوع، وتمييزه عن كل ما يشابهه، لذا دققت في معنى الترجمة لغة واصطلاحاً، وذكرت الفرق بينه وبين التفسير.
واعتمدت على النصوص الشرعية في الكتاب والسنة النبوية التي هي الأساس الأول، وذكرت أرقام الآيات، وخرجت الأحاديث، ونبهت على ذلك في حاشية الصفحة، ثم حاولت جمع آراء العلماء والمحققين قديماً وحديثاً، ومقترحاتهم واختلافاتهم، وسجلت في أسفل الصفحة عنوان الكتاب ورقم الصفحة واسم المؤلف ما لم يكن قد مر ذكره، ودعمت كل رأي بدليله، وربما رجحت أحد الآراء، أو تصرفت أحياناً في النقل مع المحافظة على المعنى، ودعوت إلى ترجمة تفسير للقرآن الكريم بالإشارات التوضيحية والصور للمعاقين من الصم والبكم.
لم أقف مع المتعصبين المتزمتين على كل ما هو قديم، ولم أكن لأنساق وراء أدعياء الترجمة دون قيد أو شرط، بل وقفت موقفاً وسطاً عدلاً، رحبت بكل ما هو جديد ونافع، وحرصت على كل ما هو قديم صالح، وهكذا استفدت من القديم والجديد.
خطة البحث:
قسمت الرسالة بعد المقدمة إلى بابيْن وهما لب الرسالة ثم الخاتمة والنتائج:
الباب الأول: وتناولت فيه (الترجمة) تعريفها ـ أقسامها ـ تاريخها , ثم قسمت هذا الباب إلى ثلاثة فصول , وأدرجت تحت كل فصل مباحث:
الفصل الأول: تناولت فيه تعريف الترجمة , وفيه مبحثان:
ـ المبحث الأول: معنى الترجمة لغة واصطلاحاً.
ـ المبحث الثاني: الفرق بين الترجمة والتفسير.
الفصل الثاني: أقسامها , ويشتمل على ثلاثة مباحث:
ـ المبحث الأول: الترجمة الحرفية.
ـ المبحث الثاني: الترجمة المعنوية.
ـ المبحث الثالث: الترجمة التفسيرية.
الفصل الثالث: تاريخها , وفيه مبحثان:
ـ المبحث الأول: ترجمة القرآن الكريم عند المسلمين والمستشرقين ودوافعها.
ـ المبحث الثاني: موقف العلماء والمفكرين من الترجمة الحرفية ودعاتها.
الباب الثاني: بحثت فيه عن (معطيات الترجمة) أحكامها ـ فوائدها ـ أخطارها , وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: أحكامها , ويتضمن ثلاثة مباحث:
ـ المبحث الأول: حكم ترجمة القرآن تفصيلاً (وشروط جواز ترجمة التفسير والمترجِم (.
ـ المبحث الثاني: حكم القراءة والمس والتعبد بما يزعم أنه ترجمة
ـ المبحث الثالث: حكم كتابة القرآن الكريم بغير الحروف العربية.
الفصل الثاني: فوائدها , ويشتمل على أربعة مباحث:
ـ المبحث الأول: كشف النقاب عن جمال القرآن الكريم ومحاسنه.
ـ المبحث الثاني: تبليغ دعوة القرآن الكريم بلفظه ومعناه.
ـ المبحث الثالث: إحياء لغة العرب وتعريب الأعاجم.
ـ المبحث الرابع: دفع الشبه التي ألصقها أعداء الإسلام بالقرآن الكريم.
¥