16 _ من خلال التاريخ , علمنا أن الأعاجم , اندفعوا إلى تعلم اللغة العربية بدافع إسلامي بحت, وكثرت المدارس وعلماء اللغة العربية في تلك البلاد , لأنهم أيقنوا أن اللغة العربية من صلب الدين.
17 _ أكثر الترجمات للقرآن الكريم كان للنيل من الإسلام , والتشكيك في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم, ولإظهار عجز اللغة العربية بزعمهم , وعدم مواكبتها لتطور الحضارة والعصر.
وفي خاتمة هذا البحث:
آن لنا أن نعرف ما هي علة الجزر والمد , والأخذ والرد , في حكم ترجمة القرآن الكريم , بين العلماء والفقهاء , بعد هذه السياحة العجلى في رحاب هذا البحث الهام.
إن ترجمة تفسير القرآن الكريم ليس حراماً مطلقاً ولا مباحاً مطلقاً , ولكن يجوز ترجمة تفسير القرآن الكريم بشروط وقيود , لئلا تمتد الأيدي السوداء إلى قداسة القرآن وكرامته.
كما يجب على المسلم غير العربي أن يتعلم لغة القرآن الكريم , وذلك لإقامة الشعائر الدينية من صلاة وأدعية, وفهم للكتاب والسنة.
والعناية باللغة العربية جزء حقيقي من عمل الإعلام الإسلامي , وقد قطع السلف الصالح أشواطاً واسعة في التعرب, إيماناً بأن اللغة العربية جزء من الإسلام, لأنها لغة القرآن الكريم.
وقد ذكر الجاحظ أن موسى بن سيار الأسواري:
(كان من أعاجيب الدنيا , كانت فصاحته بالفارسية في وزن فصاحته بالعربية , وكان يجلس في مجلسه المشهور به , فيقعد العرب عن يمينه , والفرس عن يساره , فيقرأ الآية من كتاب الله ويفسرها للعرب بالعربية , ثم يحول وجهه إلى الفرس فيفسرها لهم بالفارسية , فلا يدرى بأي لسان هو أبين) البيان والتبيين، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ: 1/ 193.
فاللغة العربية هي الأداة والوسيلة التي تصل بالمسلم إلى فهم الكتاب والسنة , فإن فقدت الأداة, فإما أن تتوقف الدعوة أو نبحث عن وسيلة نبلغ بها من لا يعرف العربية , والذي لا يعرف العربية عليه أن يتعلمها
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلموا العربية فإنها من دينكم) رواه ابن أبي شيبة بلفظ (تعلموا اللحن والفرائض فإنها من دينكم) برقم: / 29926 / وروى البيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (تعلموا العربية وتفقهوا في الدين , وأحسنوا عبارة الرؤيا) برقم: / 2678 /.
وقال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ:
(إن نفس اللغة العربية من الدين , ومعرفتها فرض واجب , فإن فهم الكتاب والسنة فرض, ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، أحمد بن تيمية: 1/ 207.
والوسيلة الموصلة إلى تبليغ الكتاب والسنة, هي تفسيرهما إلى لغات البشر جميعاً, وقد قدرها بعض العلماء بنحو سبعة آلاف لغة, فهل نحن مدركون لضخامة واجب البيان والتبليغ والتفهيم؟
إنه ليس من المعقول إذن , أن تتوقف الدعوة الإسلامية باصطدامها بحاجز اللغة فقط , بينما الرسول الكريم لم يتوقف عن الدعوة والتبليغ للعرب فقط , بل نشر الدعوة في السنة السابعة من الهجرة, إلى جميع الأمم المحيطة بالجزيرة العربية , فأرسل الرسائل إلى الملوك والرؤساء, واستقبل الوفود, ولم تكن اللغة عائقاً أمام الدعوة , بل حث أصحابه على تعلم اللغات كالسريانية.
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثم إنه يرد علي أشياء, أكره أن يقرأ, أفتطيق أن تعلم السريانية؟
قلتُ: نعم , فتعلمتُها في سبع عشرة)) المعجم الكبير، لأبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني: 5/ 156.
ومن الصحابة من كان يحسن الفارسية والرومية والحبشية, كسلمان الفارسي, وصهيب الرومي, وبلال الحبشي رضي الله عنهم.
وفي بداية دخول الإسلام إلى بلاد العجم , كان دعاة الإسلام يفسرونه ويشرحونه للناس بلسانهم, بينما كانت اللغة العربية وقتئذ في موقع العزة والقوة والمنعة , تفرض نفسها على جميع الأمم والشعوب, فأصبحت لغة الدواوين والعلوم بيد أنها لغة الدين الجديد.
وبعد سقوط الخلافة الإسلامية , تفككت الدولة الإسلامية , وأصبحت دويلات مختلفة, وأضحى الإسلام واللغة العربية هدفيْن رئيسييْن للأعداء , للنيل منهما , والعمل بشتى الوسائل لإضعافهما.
فليست حماية الأمة الإسلامية بحماية أرضها فقط , بل بحماية لغتها أيضاً من الضعف والاضمحلال والضياع.
ـ[البيهقي]ــــــــ[19 Jun 2007, 11:21 م]ـ
الأخ محمد كالو كيف أستطيع أن أطلع على هذه الرسالة؟
ـ[محمد كالو]ــــــــ[20 Jun 2007, 09:52 ص]ـ
أخي البيهقي
شكراً لاهتمامك، الرسالة لم تطبع بعد.
ـ[البيهقي]ــــــــ[21 Jun 2007, 12:17 ص]ـ
أخي الفاضل محمد
ماالكتب التي اعتنت بموضوع ترجمة القرآن الكريم وبخاصة الترجمة الحرفية؟ أحسن الله إليك
ـ[محمد كالو]ــــــــ[21 Jun 2007, 02:01 ص]ـ
أخي البيهقي بارك الله فيك، ويسر لك الخير
وهاك الكتب التي اعتنت بموضوع ترجمة القرآن الكريم:
ـ الدكتور عبد الجليل عبد الرحيم، لغة القرآن الكريم.
ـ الدكتور نجدة رمضان، ترجمة القرآن الكريم وأثرها في معانيه) هكذا كتب اسم المؤلف على غلاف الكتاب، وهو خطأ لأنه اسم أعجمي ساكن الوسط، والصواب (نجدت).
ـ محمد مصطفى المراغي في بحثه، بحث في ترجمة القرآن الكريم وأحكامها.
ـ محمد الههياوي، ترجمة القرآن الكريم غرض للسياسة وفتنة في الدين.
ـ عبد الوكيل الدروبي، ترجمة القرآن وكيف ندعوا غير العرب إلى الإسلام.
ـ محمد شاكر،القول الفصل في ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأعجمية.
ـ محمد رشيد رضا، ترجمة القرآن وما فيها من المفاسد ومنافاة الإسلام.
ـ د.أحمد إبراهيم مهنا، دراسة حول ترجمة القرآن الكريم.
ـ د. عبد الله شحاته، ترجمة القرآن
ـ محمد حسنين مخلوف، ترجمة القرآن
ـ ترجمات معاني القرآن الكريم وتطور فهمه عند الغرب د. عبد الله عباس الندوي , كتاب شهري يصدر عن رابطة العالم الإسلامي العدد 174 السنة الخامسة عشرة , جمادى الآخرة 1417.
¥