ـ[أبو العالية]ــــــــ[31 Mar 2008, 01:31 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
نعم رجع الديك ديكاً والأرنب أرنباً، وربنا ما يجيب ديكة وأرانب.
أما نتائج الرسالة، فهاهي قيد أنظاركم، وبين أيديكم.
قال الباحث وفقه الله (764):
((وختاماً لهذا العمل فإنا نستنتج أن هناك معايير دقيقة لتفسير النص القرآني، وأنَّ الله سبحانه وتعالى، من جملة حفظه لكتابه أنه لم يحفظ رسمه ونظمه فقط؛ بل هيَّأ أسباب فهمه ويسرها لكل من أقبل عليه بصدق، راجياً هداية الله فيه، كما نقرر الآتي:
1_ لا يمكن فهم النص القرآني الفهم الصحيح إلا بتطبيق علم أصول الفقه، ذلك العلم العظيم الذي أبدعته العقلية الإسلامية المتشربة بنور الوحي، ولا يمكن فهم هذا الكتاب العظيم، بالمناهج البشرية الأخرى؛ كاللسانيات ونحوها؛ لأنها قامت أساساً على نصوص البشر العادية، ولظروف خاصة بالمجتمعات التي نشأت فيها، مع إهمال خصوصية النص القرآني.
2_ لا نستطيع فهم القرآن الكريم إلا بلغة العرب، في الوقت الذي لا يمكننا فهمه إذا اكتفينا باللغة وحدها، دون الرجوع إلى قواعد الشرع الشريف، فالشرع قد تصرَّف في اللغة، ونقل كثيراً من معهانيها الأصلية إلى معانٍ اصطلاحية جديدة هي العمدة في فهم الشريعة الإسلامية، ومصدرها القرآن الكريم.
3_ إن العقل حَكَم عدل في مجاله، فلا نستطيع فهم النصوص إلا بالعقل، وهو المرجع في إزالة التعارض الذي قد يتوهم، والعقل نوعان نسبي ومطلق، فالعقل المطلق هو الذي عليه المعوَّل، ولا يمكن قطعاً أن يتعارض مع النص، لأن مصدرهما واحدٌ أما العقل النسبي فلا عبرة به، إذ هو متغير من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان ومن شخص إلى شخص.
4_ للتأويل قانون دقيق وقواعد صارمة لا يمكن تجاوزها، وإلا وقعنا في العبث وضاع النص، وكذلك لا يجوز إغلاق هذا الباب ما دام منضبطاً بقواعد الشرع وأحكامه.
5_ إن القرآن الكريم نص لغوي، ولكنه يمتاز بمزايا خاصة تجعلنا نحتاط في تفسيره، وفي فهمه وفي استنباط الأحكام منه، وأهم خصائص هذا النص مصدره الإلهي فهو الذي يجعله مقدساً ومعجزاً، وبدون ذلك التقديس لا يمكن الاستفادة من هذا النص العظيم، واستثماره.
6_ هناك معايير خاصة لفهم النص القرآني، وهي تلك المعايير التي تراعي خصوصية النص، وتسعى لفهمه حسب قواعد النص ذاته، ومسلمات الدين الذي أسَّسه ذلك النص المقدس.
7_ لا أحد يملك سلطة إيقاف عمل النص أو إلغاءه وإزالته من حيز التطبيق إلا الذي أنزله، أو إذا استحال عقلاً العمل به كما في حالة ذهاب محله.
8_ قد صيغ هذا النص العظيم على زمرتين، الأولى لا تحتمل إلا معنى واحداً وتسد الطريق إلا على ذلك الفهم وتغلق باب الاجتهاد إلا في تطبيق النص على الواقع بتحقيق مناطه، والثانية وهي الأكثر فيها مجال واسع ورحب لتعدد الأفهام، ولكن تلك الاحتمالات لا يُلتفت إليها إلا إذا كان النص يسمح بها وفق قواعد العربية، وكانت منسجمة مع سائر الشريعة التي جاء بها النص.
9_ لابد من تحكيم الإجماع بشروطه وضوابطه؛ فهو الذي يحافظ على هوية النص، وينظم التجديد لتفسيره.
10_ إن النص القرآني ثريٌ ومتجدد وفيه من الكنوز ما لاينقضي، فعجائبه لا تنقضي ولا تنتهي، فهو لم يُفسَّر تفسيراً نهائياً، ولا يحيط به علماً إلا مُنْزِله، وباب الاجتهاد في تفسيره واستنباط أحكامه مفتوح دائماً لأهله.
11_ كل اجتهاد يريد تقليص دائرة النص القرآني لتضييق دائرة التكليف مرفوض ومردود، فالقرآن عام وشامل لجميع الناس وهو عهد الله الأخير للناس في هذه الأرض فليس تفسيره خاصاً بزمان أو بمكان؛ بل يأخذ منه أهل كل عصر هدايته، وحاجته، مع الأخذ بعين الاعتبار أن النصوص التي دلت على أساسيات الدين وقواطع التوحيد ومقاطع الأحكام دلالة كل منها على معناه واضحة، ولا تحتمل الخلاف، مهما تقادم عليها الزمان.
بعض التوصيات التي خرجت بها هذه الرسالة:
هناك بعض التوصيات التي خرجت بها هذه الرسالة وهي:
1_ ضرورة العمل الجماعي في تفسير النص القراني، ولا بد من مؤسسات متخصِّصة ترعى هذا العمل.
2_ أن تتابع الرسائل العلمية في هذا المجال وهو القواعد والضوابط والمعايير التي يجب مراعاتها في تفسير القرآن الكريم.
3_ أن تقوم دراسات متخصصة موضوعية بفرز قطعي الدلالة من القرآن، عن الظني، وكذلك القرائن الداخلية والخارجية التي تُكسب النص القطعيَّة.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات)) أ. هـ
كانت تلك هي الخطة، وهذه هي النتائج، ثم التوصيات.
قال مقيِّده _ غفر الله له _:
الرسالة جديرة بالقراءة، غير أنَّ الباحث جزاه الله خيراً وعفا الله عنه، ما أجمله لو أنَّه اتبع هذه المعايير وطبقها على رسالته، ولم يخالف قلمُه منهجَه في الخطة، سيما في مسائل العقيدة، والتثريب على من خالف منهجه، ووسمهم بالجهلة!! فما أحوجه غفر الله له إلى تهذيب قلمه، والتحاكم إلى الكتاب والسنة لا إلى أقوال العلماء الخصوم، أو زمن الخصومة.
و المنهج الحق في النقل عن عالم أن ينقل آخر ما اعتقده لا أول أمره كما يعرفه كل منصف.
ولكنه ربما يصعب على الباحث وفقه الله الأمر حين يكون هؤلاء العلماء ممن تبين لهم الحق فرجعوا عن مذهبهم الاعتقادي وتحوَّلوا عنه؛ فليت أتباعهم يرجعون نصرة للدليل من الكتاب والسنة فقط.
فما أعزَّ الأنصاف.
والقارئ الكريم يستفيد منها ويوافق أو يعارض، وهو نحلة، والعاقل الفطن يأخذ ما يصلح له ويترك ما فيه مخالفة لدينه.
والله أعلم
¥