عاشراً: برز أثر التلوينات الصوتية في دلالات التراكيب القرآنية من خلال بعض الفنيات التي عانقتها تلك التلوينات في السياق القرآني، وذلك قصداً لإظهار المكنون البلاغي والدلالي لهذه التعانقات السياقية. فقد برز مثلاً التلوين الصوتي بتوظيف التركيب الاسمي والفعلي في إطار الجملة، إذ يفيد التعبير بالمركب الاسمي الدلالة على ثبات المعنى واستقراره، في حين يفيد التعبير بالمركب الفعلي الدلالة على تجدد الحدث والاستمرارية في سياق حدوثه.
ويبرز أيضاً التلوين بفنية العدول في إطار الجملة القرآنية متمثلاً في ثلاثة أشكال هي:
* العدول الرتبي (التقديم والتأخير الرتبي).
* العدول المعنوي (التقديم والتأخير المعنوي).
* العدول الضمائري (الالتفات).
وهذه الأشكال تشكِّل معاً منظومة متكاملة تهدف إلى إدراك المتلقي لما يتم من مفارقات معنوية وانفعالية تسيطر على نسيج التوظيف من خلال مخالفة مقتضى الظاهر في التعبير، وذلك بالانتقال الجمالي بين صيغ عدولية متنوعة هدفها الأمثل الإشارة إلى ما حققته هذه الألوان العدولية من جماليات نصية ودلالية تكتسب خصوصيتها من بنيتها الأصل وهي العدول.
كذلك نلمس في التلوين الصوتي بالتكرار في حيز الجملة القرآنية ملمحاً جمالياً يهدف إلى إبراز الأثر الجمالي المتولد عن هذه المعانقات الدلالية في سياق الجملة القرآنية. وقد اتضح جلياً أن أهمّ أشكال التكرار الجملي يتمثل في:
* تكرار شبه الجملة.
* تكرار الجملة؛ (الاسمية والفعلية).
* التكرار الإيقاعي بما يشمله من:
أ – التداعي الصوتي: بما يتضمنه من إثارة جمالية بتكرار حرف ما في سياق آية ما بصورة كبيرة تثير نوعاً من الإيقاع المقصود دلالياً ونصياً.
ب – التكرار الصوتي الذي يشمل: التكرار بالجناس، والتكرار بطباق السلب.
ثمّ نصادف في سياق التلوين الصوتي بالحذف البلاغي في سياق التركيب القرآني العديد من الأغراض الجمالية والنصية في هذا الإطار من خلال لمح العديد من صور الحذف في سياق هذه التراكيب، وهذه الصور الحذفية تتمثل في:
* حذف الأسماء؛ المبتدأ، والخبر، والمضاف، والمفعول، والحال، والصفة).
* حذف الأفعال.
* حذف الجمل؛ جواب الشرط، وجواب القسم، وجواب (لو)، وجواب (لولا).
وكل تلك الألوان من الحذف تتم في إطار أداء أغراض بلاغية ودلالية محددة تنبع من خلال التأمل الدقيق لسياقات التراكيب القرآنية.
كما أن كل تلك الألوان من التلوينات الصوتية في سياق التراكيب القرآنية تتعاضد معاً في بنيتها العامة لتظهر بوضوح جمالية الإطار الأدائي الذي يبدو عليه النص القرآني، وما يتميز به من بلاغات نصية ودلالية تصطبغ في جوهرها بمعطيات اللغة، لكنها لا تخضع لمقرراتها الجامدة، بل تتجاوز بطلاقة فريدة لتؤدي ما يُناط بها من أغراض ومقاصد.
حادي عشر: اشتملت القراءات القرآنية المتواترة في ثناياها على العديد التلوينات الصوتية ذات الأثر الجمالي على بنية الدلالة في النص القرآني. وتنوعت هذه التلوينات في إطار القراءات القرآنية إلى صور عدة منها:
* التلوين الصوتي بالتعريف والتنكير.
* التلوين الصوتي بالتغاير التصريفي.
* التلوين الصوتي بالعدول؛ واشتمل على:
ا- العدول العددي.
ب- العدول الضمائري (الالتفات).
* التلوين الصوتي بالحذف.
* التلوين الصوتي بالزيادة البنيوية.
وكل هذه الأشكال من التلوينات الصوتية في إطار القراءات القرآنية انعقدت مقصديتها على معطيات الثراء الذي تمتاز به بنية هذه القراءات من ناحية، ثم جمالية الأداء البلاغي والنصي لهذا الأداء من ناحية أخرى. وذلك قصداً لإظهار جماليات النص القرآني في هيئته الشفهية والكتابية معاً كنص معجز.
قصتي مع الرسالة:
بدأت فكرة الرسالة أثناء حديثي أنا وأحد الأصدقاء حول إعجازات النص القرآني، جاءت خاطرة لهذا الصديق حول قوله تعالى (فكبكبوا فيها هم والغاوون)، وتدارسنا الفعل (كبكبوا)، وكيف أن الفعل يصور الحالة التي عليها هذه الفئة في هذا الموقف، وكأننا لا نقرأ الفعل بل نراه رأي عين، فكأن الفعل اعتمد على البناء الصوتي النابع من تكرار مقطعي الفعل للوصول إلى فيض الدلالة البصرية. وهكذا نبتت فكرة البحث الأولية.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Nov 2007, 03:07 م]ـ
شكر الله للدكتور أسامة هذا العرض الوافي لهذه الرسالة المتميزة.
ـ[معن الحيالي]ــــــــ[15 Nov 2007, 11:24 ص]ـ
افاض الله عليك ايها الباحث علما جما ونفع بعلمك ....
وزادك ما ينفع بك من حولك.