ثانياً: دهشت حينما رأيت الآيات (تلوى) أعناقها، وتختزل بل تعتصر، لكي يستخرج منها بعض ما يلتقي مع هذه الوافدات الفكرية الجديدة، حيث وقع كثير من الناس في حيرة وضياع بين مؤيد ومعارض.
ثالثاً: حينما استفحل الخطر في تبني بعض الجامعات منهج هذه القراءات، ونشر مقولاتها بمختلف وسائل التبليغ، وشجعت على تناول موضوعاتها في رسائل جامعية، رأيت من الواجب على كل مسلم أن يُفوِّتَ الفرصة عليهم بشتى الوسائل، ومنها الأبحاث الجامعية المفندة لآرائهم الباطلة.
رابعاً: اختلاف الرأي حق مشروع في ديننا، ومن حقنا أن نرد عليهم، ونفند ما يقولون، وقد كانت هناك عشرات الفرق التي عاشت في المجتمع الإسلامي، وكتاب الملل والنحل للشهرستاني سجل مليء بآراء تلك الفرق، لم يضق المسلمون ذرعاً بتلك الفرق، ولكنهم بينوا أخطاءها، وكشفوا زيوفها، ولا تعدو مجمل الآراء والأفكار التي يطرحها أصحاب القراءات المعاصرة اليوم إلا أن تكون ظلالاً لآراء تلك الفرق، ومنها أصداء لأفكار بعض المستشرقين والملحدين، ونحن لا نضيق ذرعاً بالاختلاف، وإنما نريد أن نبين الحق ناصعاً.
خامساً: أعتقد أن هذا البحث من الأهمية بمكان، ويلبي جزءاً من الحاجة إليه في المكتبة الإسلامية،بل يحتاج إلى أكثر من معالجة، وأن يتناوله العلماء والمفكرون المسلمون من جوانبه المختلفة.
سادساً: لما كان كل مسلم جندياً على ثغر من ثغور الإسلام، وينبغي أن لا يُؤْتَى من قِبَله، أحببتُ أن أدلي بدلوي في هذا المضمار، لأني لا أحب أن تتسرب هذه الأفكار العفنة، والآراء النتنة، إلى جحور عقول المسلمين، وبناء على ما ذكرت، فقد وقع اختياري على موضوع:
(القراءات المعاصرة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير).
وأرجو من الله تعالى أن يكون هذا البحث لبنة مباركة طيبة، يسد ثغرة في الصرح العظيم، الذي لا تؤثر فيه شبهات أعداء الإسلام.
والحمد لله أولاً وآخراً.
(رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) سورة الكهف: 10.
منهجي في هذا البحث:
أما عن منهجي في هذا البحث:
فقد جمعت المادة المطلوبة من مظانها، الكتب والمقالات والأبحاث والمحاضرات والمؤتمرات والدوريات، واعتمدت على النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية، وعرضت البحث عرضاً مفصلاً واضحاً بقدر الجهد والسعة، والتزمت في خطة هذا البحث بضوابط معينة، أذكر منها:
1 ـ عزو الآيات إلى مواطنها في كتاب الله عز وجل.
2ـ تخريج الأحاديث النبوية من مراجعها الأصيلة، معتمداً بالدرجة الأولى على صحيحي البخاري ومسلم أو أحدهما، فإن لم يكن الحديث فيهما، أو في أحدهما، رجعت إلى كتب السنة الأخرى.
3 ـ فسرت ما غمض من الألفاظ بشرح وبيان.
4 ـ قمت بترجمة الأعلام الذين ورد ذكرهم في متن البحث، ممن غلب على ظني عدم شهرتهم.
5ـ عند التوثيق: أشير أولاً إلى اسم المؤلف ثم المصدر أو المرجع، وهكذا وفق المنهج العلمي لذلك.
6ـ قمت باستقصاء أبرز أفكار أصحاب القراءة المعاصرة، وناقشت أفكارهم واقتراحاتهم والرد عليهم، ودعمت كل رأي بدليله من الكتاب والسنة.
7ـ جمعت في عرض البحث بين الأصالة والمعاصرة، مما يضفي على البحث التفاعل مع مجتمعنا الإسلامي وقضاياه المعاصرة.
8 ـ كما قمت بترتيب المصادر والمراجع على حسب الحروف الهجائية.
خطة البحث:
قسمت هذا البحث إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة، وتحدثت في المقدمة عن أهمية البحث وأسباب اختياره وخطة البحث ومنهجه.
أما الباب الأول: فيشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: القراءات المعاصرة واتجاهاتها، ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول:الهرمنوطيقيا ومصطلحات القراءة المعاصرة.
المبحث الثاني: اتجاهات القراءات المعاصرة.
الفصل الثاني: طرق التأويل، ويشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول: التأويل الزمني.
المبحث الثاني: التأويل اللغوي.
المبحث الثالث: التأويل المقاصدي.
المبحث الرابع: التأويل العلمي.
الفصل الثالث: نتائج التأويل في القراءات المعاصرة، ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: نزعة الثقة والموضوعية بمصدر الدين.
المبحث الثاني: إلغاء الفهم السائد والتشريع لدين جديد.
المبحث الثالث: إلغاء الأحكام والحدود.
¥