10ـ إن القراءة المعاصرة الجديدة، إذا كانت وفق الضوابط والقواعد المقررة، تكون نافعة ومفيدة، بل لا بدَّ منها، وهي حاصلة في هذه الأمة بحمد الله تعالى، ولم تزل الدراسات القرآنية والحديثية والمجامع الفقهية، ودور البحث العلمي، والمؤتمرات الدولية في مختلف أصقاع العالم الإسلامي الكبير تبلي بلاء حسناً في هذا المضمار، وإن كان الأمر يتطلب مزيداً من الجد والجهد والاجتهاد.
وفي الختام أقول:
إن الحوافز والدوافع التي دعت هؤلاء المؤولة إلى هذه القراءة الجديدة المعاصرة للنص الديني مختلفة:
1ـ منهم المؤمن فاقد المعرفة الشرعية، لا يقرأ إلا لأصحاب هذا الاتجاه، فيتأثر بهم ويجاريهم.
2 ـ ومنهم المرتد الذي يجد ضالته في تلك القراءات ويتبنى مقولاتها.
3 ـ وهناك المبهور ببريق آرائهم الخلاب، وبنزعة التطور والتقدم.
4 ـ وهناك المتألم من واقعه المتخلف فيرى في هذه القراءة حبل النجاة.
5ـ وهناك المتأثر بشبهات المستشرقين التي ما لبثوا يبثونها، فأصبحوا أتباعاً مخلصين لهم.
6ـ وهناك من تستهويهم الشهرة، فيركبون هذه الموجة الجديدة يتبنون مقولاتها ثم يسهمون في إذاعتها دراسة وتأليفاً وخطابة.
7 ـ وهناك من يعتنق آراء مسبقة فيروم أن يؤول النصوص ويلوي عنقها لتسعفه بالدليل الداعم لآرائه.
8 ـ وهناك من له موقف مناوئ من التراث عموماً، ووجد في قراءته متنفساً وانسجاماً مع موقفه وإخلاصاً له.
9 ـ وهناك من ينهزه أكثر من داع من الدواعي المشار إليها.
10 ـ وهناك من يطلب رضا السلطة السياسية المنحرفة، لتحصيل مركز نفوذ، أو رفع مستوى مادي.
11 ـ دعوى تقديس العقل، بل إخضاع الدين للعقل، وجعل العقل أساساً للتشريع.
12ـ عدم كفاءة من يتصدى لتفسير القرآن الكريم، إما لضعف التحصيل العلمي، وإما عدم اعتماد المراجع والمصادر الأصلية، فلا يعتمدون على القرآن والسنة، بل يأخذون علمهم من كتب التاريخ والأدب مثلاً.
فهذه النماذج تؤكد أن كثيراً من الضلالات، نشأ عن الجهل والبعد عن الثقافة اللغوية والشرعية، والجهل أصل كل داء، وسبب كل انحراف وخطأ.
وسوء القصد هو الطاغي لدى كثير ممن يناوئون ويتعصبون، تارة مع إخفاء العداء، وتارة مع الجرأة على إعلانه، ولا يجدي ما يرفعونه من شعار الإخلاص والموضوعية، إذ العبرة بالحقائق والنتائج.
ولولا ضرورة البحث لما كان لذكر هذه النماذج من القراءة الجديدة معنى، إذ لا يستسيغها عقل سليم، فتركها أولى من ذكرها، وبطلانها بيّن، وعوارها مكشوف، ولقد صدق عبد الرحمن حبنكة إذ يقول وهو يتابع مثل هذه الضلالات:
" إنني لأخجل من القارئ ومن نفسي حينما أضع مثل هذا المجون الفكري، أو الجنون الكفري، موضع التحليل والنقد والتفنيد، إذ لا يستحق لدى العقلاء، بل لدى ذوي الفكر العادي أكثر من النبذ إلى الحريق، أو إلى مجمع القمامات، وعذري في كشف أباطيله وزيوفه وتعرية مقاصده وغاياته، أننا في مجتمعات بشرية يوجد فيها من يقتاتون على أرجاس القمامات الفكرية، لما لهم فيها من أهواء وشهوات، وهذا الأمر يجعلنا مضطرين إلى تحذيرهم من أضرارها وأخطارها، وكشف أرجاسها، وتوعيتهم بما فيه صحة لهم، وبما فيه داء وبيل لأفكارهم ونفوسهم وقلوبهم ".اهـ
وليس كل ما كتب في هذا المجال دفاعاً عن الإسلام، فهو أعلى من أن يحتاج إلى دفاع، ولكنه بيان لزيف عملة رائجة عند كثير من الناس، كان ينبغي أن تكون كاسدة لديهم لأنها عملة نبهرجة، ولكن حين يلتبس الحق بالباطل، والعملة الصحيحة بالعملة المزيفة، وحين تضيع الموازين، وتنعدم المقاييس، يحتاج إلى البيان، والبيان يرفع الغطاء عن العيون، والبرقع عن الوجوه، فإذا البصر عندئذ حديد، ولَلباطل أهون عند الله من أن يرد عليه المهتدون من العقلاء، ولكن الله سبحانه وتعالى سنَّ لنا في كتابه وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم الردَّ فاقتدينا.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[04 Dec 2007, 11:25 م]ـ
جزاكم الله خيراً ووفقكم وحفظكم وأيدكم، وفتح لكم أبواب الهدى والخير. آمين.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[05 Dec 2007, 10:20 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك فيك