تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النقط والتشكيل والأحرف الصغيرة.

ثم يعود ثانية لاتباع الرسم العثماني في كلمة (إذن) وفيه تكتب (إذاً) "وذلك على مراد الوقف " كما يقول الداني. وعليه يرى المؤلف "ضرورة كتابتها بالألف ليعلم القراء أن القراءة الصحيحة لها ألف في الوقف مع ضرورة وضع التنوين عليه ليعلم أيضا أنها تنطق نوناً في الوصل، حتى وإن كان ذلك يخالف شروط التنوين".

ويتحدث المؤلف عن علامة السكون في القاعدة الإملائية القديمة، وهي عبارة عن دائرة صغيرة فوق الحرف الساكن بلا أي فرق بين سكون وآخر. هذه العلامة تستخدم في كتاب الله للدلالة على زيادة الحرف، فلا ينطق به في الوصل ولا في الوقف، ولا تدل على سكونه. أما الذي يدل على السكون فيه فينقسم إلى قسمين: قسم يسميه السكون الحي، وهو السكون المظهر بحيث يقرعه اللسان، وتدل عليه رأس حاء صغيرة فوق الحرف. وقسم يسميه السكون الميت ويترك الحرف فيه عاريا من الشكلات كما في الف المد وواه ويائه إلا أن يلحق بها مد زائد فتوضع عليها علامة المد الزائد. وبالطبع، فهذان النوعان من المد لا يفرق بينهما في الإملاء القديمة، وبالتالي يجدر بنا مجاراة كتاب الله في الأخذ بهاتين العلامتين تحقيقا للفائدة المتوخاة منهما. غير أن المؤلف لا يوافق على زيادة الألف في كلمة (مائة) لانتفاء سبب هذه الزيادة بعد ظهور التنقيط، فلم يعد يخشى من اختلاطها بكلمة (فئة) وبالتالي فلا لزوم لها في الإملاء الحديثة. ومع أنه لا يدعو كتبة المصحف إلى حذف هذه الألف الزائدة بسبب من تشكيلها بعلامة الصفر المستدير، إلا أنه يؤكد على دعوتهم إلى إعادة رسم الألف في لفظ الجلالة (الله) وكلمة (اللهم) التي أهملت كتابتها بعض المطابع، ومنها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. ويرجع السبب في تأكيده على هذه الدعوة ما يراه من أن "لهجات عامية كثيرة لا تنطقها، ومعلوم أن اللهجات العامية تؤثر على الفصحى، والفصحى تؤثر على القرءان إلا بتدارك الأمر". وقد قاده القول بامتداد تأثير اللهجات العامية على القرآن إلى التنبيه إلى (خطأ) مصدره، كما يقول، بلاد الشام "حيث درجوا على أن يقلبوا بعض الحركات إلى ألف مثل كلمة رزقكم، ينطقونها (رازقكم)، وخلقكم ينطقونها (خالقكم)، وكلمة ينطقونها (كالمة)، ثم انتشر الخطأ في بلاد أخرى، وانتقل إلى كثير من قراء القرءان. غير أنه بحمد الله قد فطن إليه معلموا (هكذا) القرءان فهم قائمون على الإصلاح جهدهم. أما في الكتابة فقد عثر على بعض المصاحف مكتوبا بها مدة فوق الألف بدلا من الهمزة التي تسبق الألف حسب القاعدة القديمة، نحو القرءان وجدت مكتوبة (القرآن) بالخطأ، وقد صودرت هذه المصاحف بحمد الله".

وأعتقد أنه يقصد بقراءة أهل الشام، التي عدها من الخطأ، نبرهم لأول الكلمات التي ذكرها ومثلها ما جاء على وزنها. أما أهل مصر فينبرون المقطع الثاني من هذه الكلمات بشكل أبرز من غيره، وبذلك يمكن لي استعارة طريقة المؤلف في إبراز النبر على الكلمات المذكورة بالقول إن رزقكم، وخلقكم، وكلمة ينطقها المصريون على النحو (رزاقكم، خلاقكم، كليمة). قال الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه موسيقى الشعر: " .. حتى في قراءة القرآن الكريم نلحظ بعض الفروق الصوتية بين قراءة المصري وغيره من بعض أبناء البلاد الشقيقة. فلهجات الكلام وما اتصل فيها من اختلافات صوتية هي السر فيما نشاهده من تباين في النطق العربي الحديث".

ثم يأتي المؤلف إلى مبحث بعنوان (زيادة الواو وحذفها) في كلمات من نحو (أولاء، وأولي، وأولئك)، قال: "إن المصاحف العثمانية التي نسخها عثمان، رضي الله عنه، لم تكن مهموزة ولا منقوطة ولا مشكلة. هذا وإن تك المصاحف قد نقطت وشكلت وهمزت ووضعت بها الأحرف الصغيرة الواجبة النطق والتي كانت محذوفة من الرسم العثماني الأول، إلا أنها تبقى؛ لأن الهدف من هذا الكتاب هو تقريب الإملاء من رسم القرءان وليس زيادة البعد. فهي تكتب في القرءان، وقد تأست القاعدة القديمة به". وعلى هذا فهو يرى الإبقاء على رسم هذه الكلمات مع وضع علامة الصفر المستدير (ْ) على الواو. وأما الواو التي في (عمرو) فهو يرى حذفها لأنها "وبعد التشكيل، فلم تعد لها حاجة. سيما وقد أصبح الناس ينطقون هذه الواو بالخطأ".

وفي مبحث (الألف المتطرفة) يتحدث عن الألف التي أصلها واو، إن تك ثالثة في اسم أو فعل فإنها تكتب وتنطق ألفا، نحو قوله تعالى: يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار.

والألف التي أصلها ياء، تكتب بصورة الياء (ى) مع وضع ألف فوقها لبيان أن نطقها ألف وليس ياء، نحو: بنى، وسقى، وهدى.

ويستطرد في بيان أمثلة هذه الألف المتطرفة في مختلف أبنية الكلمات إلى أن يصل إلى مبحث (تمييز الألف المقصورة من الياء) فيقول: "درجت بعض البلاد العربية على وضع نقطتين تحت الياء (بءاخر) الكلمة تمييزا لها من الألف المقصورة، وذلك بخلاف ما هو معمول به في القرءان، وبخلاف بلاد عربية أخرى. فضلا عن أن هذا الرسم (ى) هو رسم الياء وليس رسم الألف، فكلنا يعلم أن الألف ترسم هكذا (ا) إذاً إذا رسمت رسما مغايرا لرسمها المألوف وخشينا أن لا تعرف كان علينا أن نميزها هي وليس غيرها، وبالفعل قد ميزت هي بكتاب الله بوضع ألف فوق الياء التي تصورت الألف بصورتها فكتب هكذا (ى). هذا على الرغم من أن عدم تمييزها لا يؤدي إلى اختلاطها بالياء، فالحركات تقوم بهذه المهمة".

هذا، أيها الأخوة، ما أمكنني إلى الآن عرضه من كتاب أخلص صاحبه في توجهه إلى طرح فكرة تقريب الإملاء من رسم القرءان، ولم أكد أبلغ بعد بهذا العرض الفصل الأول من الكتاب. فلعل الأخوة الذين يفوقونني علما بالإملاء ورسم المصحف ممن اطلعوا على هذا الكتاب المهم أن يتناولوه بالبحث والنقاش والتقويم.

(ملاحظة: حاولت في النصوص التي اقتبستها من الكتاب إثباتها بإملاء الكاتب المقترح، وبعضها عجزت لوحة المفاتيح في جهازي عن الوفاء بها).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير