يقول تعالى ذكره: زوجوا الصالحين من عبادكم وإمائكم ولا تكرهوا إماءكم على البغاء، وهو الزنا؛ {إن أردن تحصنا} يقول: إن أردن تعففا عن الزنا.
{لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} يقول: لتلتمسوا بإكراهكم إياهن على الزنا عرض الحياة، وذلك ما تعرض لهم إليه الحاجة من رياشها وزينتها وأموالها.
{ومن يكرههن} يقول: ومن يكره فتياته على البغاء، فإن الله من بعد إكراهه إياهن على ذلك، لهم {غفور رحيم} ووزر ما كان من ذلك عليهم دونهن.
وذكر أن هذه الآية أنزلت في عبد الله بن أُبي ابن سلول حين أكره أمته مُسَيكة على الزنا.
ذكر من قال ذلك:
19741 - - حدثنا الحسن بن الصباح، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: جاءت مسيكة لبعض الأنصار فقالت: إن سيدي يكرهني على الزنا! فنزلت في ذلك: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
19742 - - حدثني بن إبراهيم المسعودي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر، قال: كانت جارية لعبد الله بن أُبي ابن سلول يقال لها مسيكة، فآجرها أو أكرهها -الطبري شك- فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فشكت ذلك إليه، فأنزل الله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} يعني بهن.
19743 - - حدثنا أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن الشعبي، في قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} قال: رجل كانت له جارية تفجر، فلما أسلمت نزلت هذه.
.
- حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، عن جابر، قال: جاءت جارية لبعض الأنصار، فقال: إن سيدي أكرهني على البغاء! فأنزل الله في ذلك: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
19744 - - قال ابن جريج: وأخبرني عمرو بن دينار، عن عكرمة، قال: أمة لعبد الله بن أُبي، أمرها فزنت، فجاءت ببرد، فقال لها: ارجعي فازني! قالت: والله لا أفعل، إن يك هذا خيرا فقد استكثرت منه، وإن يك شرا فقد آن لي أن أدعه. قال ابن جريج، وقال مجاهد نحو ذلك، وزاد قال: البغاء الزنا. {والله غفور رحيم} قال: للمكرهات على الزنا، وفيها نزلت هذه الآية.
19745 - - حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري: أن رجلا من قريش أسر يوم بدر. وكان عبد الله بن أُبي أسر، وكان لعبد الله جارية يقال: لها معاذة، فكان القرشي الأسير يريدها على نفسها، وكانت مسلمة، فكانت تمتنع منه لإسلامها، وكان ابن أُبي يكرهها على ذلك ويضربها رجاء أن تحمل للقرشي فيطلب فداء ولده، فقال الله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا} قال الزهري: {ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} يقول: غفور لهن ما أكرهن عليه.
19746 - - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، أنه كان يقرأ: "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".
19747 - - حدثنا علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا} يقول: ولا تكرهوا إماءكم على الزنا، فإن فعلتم فإن الله سبحانه لهن غفور رحيم وإثمهن على من أكرههن.
19748 - - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} ... إلى آخر الآية، قال: كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا، يأخذون أجورهن، فقال الله: لا تكرهوهن على الزنا من أجل المنالة في الدنيا، ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم لهن؛ يعني إذا أكرهن.
19749 - - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} على الزنا. قال: عبد الله بن أُبي ابن سلول أمر أمة له بالزنا، فجاءته بدينار أو ببرد -شك أبو عاصم- فأعطته، فقال: ارجعي فازني بآخر! فقالت: والله ما أنا براجعة، فالله غفور رحيم للمكرهات على الزنا! ففي هذا أنزلت هذه الآية.
¥