تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا موقوفاً، ثم رواه الآجري من طريق آخر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال: من الكلمات التي تاب الله بها على آدم قال: اللهم أسألك بحق محمد عليك .. الحديث نحوه مختصراً، وهذا مع إرساله ووقفه، فإن إسناده إلى ابن أبي الزناد ضعيف جداً، وفيه عثمان بن خالد والد أبي مروان العثماني، قال النسائي: (ليس بثقة).

وعلى هذا فلا يبعد أن يكون أصل هذا الحديث من الإسرائليات التي تسربت إلى المسلمين من بعض مسلمة أهل الكتاب أو غير مسلمتهم. أو عن كتبهم التي لا يوثق بها، لما طرأ عليها من التحريف والتبديل كما بينه شيخ الإسلام في كتبه، ثم رفعه بعض هؤلاء الضعفاء إلى

النبي r خطأ أو عمداً.

مخالفة هذا الحديث للقرآن:

ومما يؤيد ما ذهب إليه العلماء من وضع هذا الحديث وبطلانه أنه يخالف القرآن الكريم في موضعين منه:

الأول: أنه تضمن أن الله تعالى غفر لآدم بسبب توسله به r، والله عز وجل يقول:

} فتلقى آدم من ربه كلمات، فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم {. وقد جاء تفسير هذه الكلمات عن ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما مما يخالف هذا الحديث، فأخرج الحاكم (3/ 545) عنه:} فتلقى آدم من ربه كلمات {قال: أي رب! ألم تخلقني بيدك؟

قال: بلى. قال: ألم تنفخ فيَّ من روحك؟ قال: بلى. قال: أي رب! ألم تسكنّي جنتك؟ قال: بلى. قال: ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى. قالت: أرأيت إن تبتُ وأصلحت، أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى. قال: فهو قوله:} فتلقى آدم من ربه كلمات {وقال الحاكم: (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

قلت: وقول ابن عباس هذا في حكم المرفوع من وجهين:

الأول: أنه أمر غيبي لا يقال من مجرد الرأي.

الثاني: أنه ورد في تفسير الآية، وما كان كذلك فهو في حكم المرفوع كما تقرر في محله،

ولا سيما إذا كان من قول إمام المفسرين عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي دعا له رسول الله r بقوله: p اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل i.

وقد قيل في تفسير هذه الكلمات: إنها ما في الآية الاخرى} قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين {.وبهذا جزم السيد رشيد رضا في "تفسيره"

(1/ 279). لكن أشار ابن كثير (1/ 81) إلى تضعيفه، ولا منافاة عندي بين القولين،

بل أحدهم يتمم الآخر، فحديث ابن عباس لم يتعرض لبيان ما قاله آدم عليه السلام بعد أن تلقى من ربه تلك الكلمات وهذا القول يبين ذلك، فلا منافاة والحمد لله، وثبت مخالفة الحديث للقرآن، فكان باطلاً.

الموضع الثاني: قوله في آخره: p ولولا محمد ما خلقتك i فإن هذا أمر عظيم يتعلق بالعقائد التي لا تثبت إلا بنص متواتر اتفاقاً، أو صحيح عند آخرين، ولو كان ذلك صحيحاً لورد في الكتاب والسنة الصحيحة، وافتراض صحته في الواقع مع ضياع النص الذي تقوم به الحجة ينافي قوله تبارك وتعالى:} إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون {. والذكر هنا يشمل الشريعة كلها قرآناً وسنة، كما قرره ابن حزم في "الإحكام" وأيضاً فإن الله تبارك وتعالى قد أخبرنا عن الحكمة التي من أجلها خلق آدم وذريته، فقال عز وجل:} وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون {، فكل ما خالف هذه الحكمة أو زاد عليها لا يقبل إلا بنص صحيح عن المعصوم r كمخالفة هذا الحديث الباطل. ومثله ما اشتهر على ألسنة الناس: p لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك i فإنه موضوع كما قاله الصنعاني ووافقه الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص116). ومن الطرائف أن المتنبي ميرزا غلام أحمد القادياني سرق هذا الحديث الموضوع فادعى أن الله خاطبه بقوله: (لولاك لما خلقت

الافلاك)!! وهذا شيء يعترف به أتباعه القاديانيون هنا في دمشق وغيرها، لوروده في كتاب متنبئهم "حقيقة الوحي" (ص99).

ثم على افتراض أن هذا الحديث ضعيف فقط كما يزعم بعض المخالفين خلافاً لمن سبق ذكرهم من العلماء والحفاظ، فلا يجوز الاستدلال به على مشروعية التوسل المختلف فيه، لأن – على قولهم – عبادة مشروعة، وأقل أحوال العبادة أن تكون مستحبة، والاستحباب حكم شرعي من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص صحيح تقوم به الحجة، فإذا الحديث عنده ضعيف، فلا حجة فيه البتة، وهذا بين لا يخفى إن شاء الله تعالى.

الحديث السابع p توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم i:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير