تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأن من أطاعه؛ فقد أطاع الله، ومن عصاه؛ فقد عصى الله، وما ذاك إلا لأنه {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} ".

9 - قوله: " كما جعل مبايعته هي عين مبايعته؛ {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنما يُبَايِعُونَ اللَّهَ} ".

نقول: وهذا من جنس ما قبله، فليست مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي عين مبايعة الله؛ كما يقول الدكتور، بل هي من جنس قوله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، وهذا من باب التشريف والتكريم له صلى الله عليه وسلم؛ لأنه الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ رسالته.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في معنى الآية:

" أي: هو معهم، يسمع أقوالهم، ويرى مكانهم، ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ} الآية ".

ثم ساق الحديث بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سل سيفه في سبيل الله؛ فقد بايع الله).

وساق الحديث عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر الأسود: (من استلمه؛ فقد بايع الله تعالى).

ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنما يُبَايِعُونَ اللَّهَ}.

فالآية الكريمة إنما تدل على أن مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي بمنزلة مبايعة الله عز وجل، لا أنها عين مبايعة الله؛ بدليل أنه ذكر مبايعتين: مبايعة الرسول، ومبايعة الله، فدل على التغاير؛ كقوله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، فذكر طاعتين، وهذا واضح بحمد الله لكل من تأمله.

والذي نريده من معالي الدكتور تجنب هذه الإيهامات التي قد يفهم منها خلاف المقصود، وتكون سببًا لبلبلة الأفكار.

والله الموفق، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير