مراعاة جوابه لما لصاحب الرحم على المسؤول من حق، ولايعارض هذا بدلالة الاقتران بالمشروع فإنها ضعيفة عند جمهور الأصوليين ولاسيما إذا قام ما يعارضها، والحلف بالأرحام كان معهوداً عند أهل الجاهلية (ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم) فحديث العهد بالإسلام ربما وقع فيه.
وهذا تأويل يصار إليه عند من أبى إلاّ القول بعطف القسم تنزلاً، ويستدل له بالأحاديث من نحو من كان حالفاً فليحلف بالله، والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[02 - 12 - 04, 11:44 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وكما تفضلت أن كلام الإمام ابن تيمية رحمه الله كلام موفق مسدد
ولعلي أذكر بعض النقولات الأخرى عنه حول هذه المسألة للفائدة
قال في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة
وأما السؤال بالمخلوق إذا كانت فيه باء السبب ليست باء القسم ـ وبينهما فرق ـ فإن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بإبرار القسم، وثبت عنه فى الصحيحين أنه قال: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) قال ذلك لما قال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الرُّبيع؟ قال: لا والذى بعثك بالحق لا تكسر سنها. فقال: (يا أنس، كتاب الله القصاص)، فرضى القوم وعفوا، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)، وقال: (رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره) رواه مسلم وغيره، وقال: (ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره. ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر) وهذا فى الصحيحين. وكذلك حديث أنس بن النضر والآخر من أفراد مسلم.
وقد روى فى قوله: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) أنه قال: (منهم البراء بن مالك) وكان البراء إذا اشتدت الحرب بين المسلمين والكفار يقولون: يا براء أقسم على ربك. فيقسم على الله فتنهزم الكفار. فلما كانوا على قنطرة بالسوس قالوا: يا براء، أقسم على ربك. قال: يا رب أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم، وجعلتنى أول شهيد. فأبر الله قسمه فانهزم العدو واستشهد البراء بن مالك يومئذ. وهذا هو أخو أنس بن مالك، قتل مائة رجل مبارزة غير من شرك فى دمه، وحمل يوم مسيلمة على ترس ورمى به إلى الحديقة حتى فتح الباب.
والإقسام به على الغير أن يحلف المقسم على غيره ليفعلن كذا، فإن حنثه ولم يبر قسمه فالكفارة على الحالف لا على المحلوف عليه عند عامة الفقهاء، كما لو حلف على عبده أو ولده أو صديقه ليفعلن شيئاً ولم يفعله، فالكفارة على الحالف الحانث.
وأما قوله: [سألتك بالله أن تفعل كذا] فهذا سؤال وليس بقسم، وفى الحديث: (من سألكم بالله فأعطوه) ولا كفارة على هذا إذا لم يجب سؤاله. والخلق كلهم يسألون الله، مؤمنهم وكافرهم، وقد يجيب الله دعاء الكفار، فإن الكفار يسألون الله الرزق فيرزقهم ويسقيهم، وإذا مسهم الضر فى البحر ضل من يدعون إلا إياه، فلما نجاهم إلى البر أعرضوا وكان الإنسان كفورا، وأما الذين يقسمون على الله فيبر قسمهم فإنهم ناس مخصوصون. فالسؤال كقول السائل لله: أسألك بأن لك الحمد، أنت الله المنان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام. وأسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد، الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وأسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته فى كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به فى علم الغيب عندك.
فهذا سؤال الله تعالى بأسمائه وصفاته، وليس ذلك إقساماً عليه؛ فإن أفعاله هى مقتضى أسمائه وصفاته، فمغفرته ورحمته من مقتضى اسمه الغفور الرحيم، وعفوه من مقتضى اسمه العفو؛ ولهذا لما قالت عائشة للنبى صلى الله عليه وسلم: إن وافقت ليلة القدر ماذا أقول؟ قال: (قولى: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى).
وهدايته ودلالته من مقتضى اسمه الهادى، وفى الأثر المنقول عن أحمد بن حنبل أنه أمر رجلاً أن يقول: يا دليل الحيارى، دلنى على طريق الصادقين، واجعلنى من عبادك الصالحين.
¥