((طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب وإجماع الأمة، ومما اعتقدوه:
إن الله لم يزل كاملاً بجميع صفاته القديمة، لا يزول ولا يحول، لم يزل عالماً بعلم بصيراً ببصر سميعاً بسمع متكلماً بكلام، ثم أحدث الأشياء من غير شيء، وإن القرآن في جميع الجهات مقرؤاً ومتلواً ومحفوظاً ومسموعاً ومكتوباً وملفوظاً كلام الله حقيقة لا حكاية ولا ترجمة، وأنه بألفاظنا كلام الله غير مخلوق، وإن الواقفة واللفظية من الجهمية، وإن من قصد القرآن بوجه من الوجوه، يريد به خلق كلام الله فهو عندهم من الجهمية، وإن الجهمي عندهم كافر -إلى أن قال- وإن الأحاديث التي تثبت في العرش، واستواء الله عليه يقولون بها، ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل، وأن الله بائن من خلقه، والخلق بائنون منه، لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم، وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه)) أ. هـ
قال الحافظ الذهبي بعد ذلك: فقد نقل هذا الإمام الإجماع على هذا القول-يعني العلو- ولله الحمد. أ.هـ
فكما ترى أخي القاريء أن من عقيدته أن القرآن " كلام الله حقيقة لا حكاية ولا ترجمة" وأن الله "مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه".
والسؤال: هل الأشاعرة يقولون بهذا حتى نعد أبا نعيم منهم؟؟
الجواب بكل تأكيد: لا، وكتبهم طافحة بنقيض هذه الأقوال.
وليس هذا الصنف –أعني من نسب لهم وهو منهم براء-مقتصر على المتقدمين، بل هناك من المتأخرين ممن نٌسب للأشاعرة، وهو يثبت العلو والصفات كبعض علماء الهند!.
نقل العلامة محمد صديق حسن خان في كتابه" الانتقاد الرجيح في شرح الاعتقاد الصحيح" (12) في مسألة العلو أقوال كثير من العلماء من مختلف العصور ومن بين من نقل عنهم، قال:
قال الشيخ الإمام المحدث المحقق في العلوم العقلية والنقلية محمد بن الموصلي الأصفهاني الشافعي مذهباً، الأشعري معتقداً، السني إتباعا في "كتاب سيف السنة الرفيعة في قطع رقاب الجهمية والشيعة":
((إن الله تعالى سبحانه قد بين في القرآن غاية البيان أنه فوق سماواته، وأنه مستوٍ على عرشه، وانه بائن من خلقه، وأن الملائكة تعرج إليه وتنزل من عنده، وأنه رفع المسيح إليه، وانه يصعد إليه الكلم الطيب، إلى سائر ما دلت عليه النصوص من مباينته لخلقه، وعلوه على عرشه، وهذه نصوص محكمه، وأن الله قد بين في غير موضع أنه خلق السماوات والأرض، وأن لله السماوات والأرض، وأنه يمسك السماوات والأرض وما بينهما، وأن الأرض قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، وأن كرسيه وسع السماوات والأرض، وهذه نصوص صريحة في أن الرب تعالى ليس هو عين هذه المخلوقات، ولا صفة من صفاته، ولا جزء منها، فإن الخالق غير المخلوق، وليس بداخل فيها محصور، بل هي صريحة في أنه مبائن لها، وأنه ليس حالاً ولا محلاً لها، فهي –أي النصوص- هادية القلوب، عاصمة لها أن يفهم من قوله (وهو معكم) أنه سبحانه عين المخلوقات أو حال أو محل لها ... -إلى أن قال- وقد أخبر الله تعالى أنه مع خلقه، مع كونه مستوياً على العرش، وقرن بين الأمرين كما قال تعالى: (هو الذي خلق السماوات) إلى قوله تعالى (بصير) فأخبر أنه خلق السماوات والأرض، وانه استوى على عرشه، وأنه مع خلقه يبصر أعمالهم من فوق عرشه، كما في حديث الأوعال "والله فوق عرشه يرى ما أنتم عليه" فعلوه لا يناقض معيته، ومعيته لا تبطل علوه بل كلاهما حق.)) أ. هـ مختصراً.
وكما نرى، عقيدته موافقة لعقيدة أهل السنة والجماعة تماماً، ومناقضة لعقيدة الأشاعرة.
أما حكمنا على هؤلاء فإنهم من أهل السنة والجماعة، إلا أنه يجدر التنبه إلى أن الانتساب للأشعري بدعة، لاسيما وأنه بذلك يوهم حسناً بكل من انتسب هذه النسبة، وتنفتح أبواب الشر، أنظر مجموع الفتاوى (13)
الصنف الثاني:
صنف عاش في بيئة طغى فيها مذهب الأشاعرة المحض، وقل من نجى من شرار سعيره إلا من ثبته الله، وكان صاحب منهج صحيح ولكن وافق الأشاعرة في مسائل جزئية، ومن هذا الصنف الحافظ ابن حجر والنووي (14) وغيرهما.
ولنأخذ هاهنا مثالاً الحافظ ابن حجر:
¥