ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[25 - 12 - 05, 07:51 م]ـ
18 – قال الحافظ 5/ 341 على الحديثين رقم (2731، 2732): " وفيه طهارة النخامة والشعر المنفصل، والتبرك بفضلات الصالحين الطاهرة ".
انظر: تعليق الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في هامش 1/ 327.
19 – قال الحافظ 5/ 351 على الحديثين رقم (2731، 2732)
" وفي رواية موسى بن عقبة، عن الزهري: فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بصير، فقدم كتابه وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا ... ".
قال الشيخ البراك قوله: " وجعل عند قبره مسجدًا ": هذه الرواية منكرة لا تصح سندًا ولامتنًا؛ فإن بناء المساجد على القبور مما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم تحذيرًا بالغًا؛ فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الذين يبنون المساجد على قبور الصالحين " أولئك شرار الخلق "؛ وذلك أن اتخاذ القبور مساجد من أعظم وسائل الشرك، فيمتنع مع هذا أن يبني أبو جندل مسجدًا عند قبر أبي بصير، كيف وهو في عصر النبوة، والمعروف أن بناء المساجد على القبور لم يعرف في الإسلام إلا بعد القرون المفضلة؟! والذي يظهر أن قوله: " وجعل عند قبره مسجدًا " ليس في أصل رواية موسى بن عقبة، وأن قوله " جُعل " مبني للمجهول، فيكون الفاعل غير أبي جندل، ولعلها من قول الحافظ أو غيره، وأن أصل العبارة " وقد جعل " فليحرر من مغازي موسى بن عقبة. اهـ
أضاف الناشر: في رواية معمر عن الزهري: ( ... ورد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بصير في الموت يجود بنفسه، فأعطي الكتاب فجعل يقرأه ويُسرُّ به حتى قبض والكتاب على صدره، فبُني عليه هناك مسجد يرحمه الله) [الروض الأنف 7/ 79 ط. دار إحياء التراث العربي] فورد الفعل (بُني) بصيغة ما لم يسم فاعله، ووردت لفظة (مسجد) مرفوعة على أنها نائب فاعل، وهذا يعني أن بناء المسجد لم يكن من أبي جندل رضي الله عنه، ويحتمل أنه حدث بعد ذلك بزمن طويل.
وانظر "السيرة النبوية الصحيحة" للدكتور أكرم العمري 2/ 451،452 بالهامش حيث ذكر رواية الزهري من مخطوط، ولم يذكر فيها قصة بناء المسجد.
والذي في "الإصابة" في ترجمة أبي بصير (6/ 375): (وعند موسى بن عقبة في المغازي من الزيادة في قصته: ... ولما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير أن يقدما عليه، ورد الكتاب وأبو بصير يموت، فمات وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم في يده، فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه). فلعله التبس على بعض النقلة عن موسى بن عقبة جملة: (وصلى عليه) بجملة: (بُني عليه هناك مسجد) أو جملة: (جعل عند قبره مسجدًا).
وانظر تعليق الشيخ عبد العزيز ابن باز هامش 1/ 525.
20 – قال الحافظ 6/ 40 على حديث رقم (2826) قوله: " يضحك الله إلى رجلين " قال الخطابي: الضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح أو الطرب غير جائز على الله تعالى، وإنما هذه مثل ضرب لهذا الصنيع الذي يحل محل الإعجاب عند البشر فإذا رأوه أضحكهم، ومعناه الإخبار عن رضا الله بفعل أحدهما وقبوله للآخر ومجازاتهما على صنيعهما بالجنة مع اختلاف حاليهما.
قال: وقد تأول البخاري الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة، وهو قريب، وتأويله على معنى الرضا أقرب، فإن الضحك يدل على الرضا والقبول.
قال: والكرام يوصفون عندما يسألهم السائل بالبشر وحسن اللقاء، فيكون المعنى في قوله: " يضحك الله " أي يجزل العطاء.
قال: وقد يكون معنى ذلك أن يعجب الله ملائكته ويضحكهم من صنيعهما، وهذا يتخرج على المجاز، ومثله في الكلام يكثر ".
قال الشيخ البراك: قول الخطابي: " الضحك الذي يعتري البشر عند ما يستخفهم الفرح أو الطرب .... إلخ ":
مذهب أهل السنة في الضحك المضاف إلى الله تعالى في هذا الحديث وغيره إثباته لله عز وجل على ما يليق به ويختص به، وأنه ضحك لا كضحك المخلوقين كما يقولون مثل ذلك في سائر ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فعندهم أنه تعالى يضحك حقيقة، والضحك منه تعالى غير العجب، وغير الرحمة والرضا، لكنه يتضمن هذه المعاني أو يستلزمها.
ونفي حقيقة الضحك عن الله تعالى هو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة. وليس لهذا النفي من شبهة إلا من جنس ما تُنفى به سائر الصفات. ثم إن الذين نفوا الضحك عن الله عز وجل من الأشاعرة أو من وافقهم منهم من يسلك في النصوص طريقة التفويض فلا يفسرها، ولا يثبت ظاهرها إلا بلفظ دون معنى، ومنهم من يسلك فيها طريقة التأويل فيفسرها بما يخالف ظاهرها؛ وهذا هو الذي سلكه الخطابي فيما نقله عنه الحافظ رحمهما الله تعالى، وعفا عنهما.
ونقول: نعم، الضحك الذي يعتري البشر عند ما يستخفهم الفرح أو الطرب غير جائز على الله تعالى؛ فإن ذلك ضحك البشر وهو مختص بهم، وضحك الرب سبحانه مختص به. فليس الضحك كالضحك، كما يقال مثل ذلك في قدرته وإرادته وغير ذلك من صفاته سبحانه وتعالى.
وقول الخطابي: " وقد تأول البخاري الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة " فيه نظر، والأشبه أن هذا لا يصح عن البخاري، ويؤيد ذلك قول الحافظ رحمه الله تعالى عندما نقل قول الخطابي عن البخاري في كتاب التفسير حديث (4889) حيث قال: "قال الخطابي: وقال أبو عبد الله: معنى الضحك هنا الرحمة" قلت: - أي الحافظ - ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري.
¥