قال الشيخ البراك: قوله: " فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه": التمائم من القرآن قد اختلف فيها السلف؛ فرخص فيها بعضهم، منهم عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ومنهم من لم يرخص فيها كعبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال إبراهيم النخعي رحمه الله: كانوا يكرهون التمائم من القرآن وغير القرآن - يريد أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه - وهذا هو الراجح؛ وذلك لأمور:
منها: أن أحاديث النهي عن التمائم عامة فلا تخص إلا بدليل.
ومنها: أن تعليق التمائم من القرآن يفضي إلى امتهانه.
ومنها: أن ذلك وسيلة إلى تعليق غيرها؛ إذ يمكن أن يدَّعي كل من علق تميمة أنها من القرآن. والحافظ رحمه الله تعالى قد اختار هنا القول بالجواز.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 12 - 05, 04:19 م]ـ
24 - قال الحافظ 6/ 145 على حديث رقم (3010) "وقد تقدم توجيه العجب في حق الله في أوائل الجهاد، وأن معناه الرضا، ونحو ذلك".
قال الشيخ البراك: قوله: " وأن معناه الرضا ": هذا يقتضي نفي حقيقة العجب، وقد ثبتت صفة العجب لله تعالى بالكتاب والسنة كما قُرئ: {بل عجبتُ ويسخرون}، وكما قال تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم}. وفي الحديث: " عجب ربك من قنوط عباده ". وأهل السنة والجماعة يثبتون العجب لله تعالى على ما يليق به، كما يثبتون الضحك، والفرح، والحب، والبغض. والنفاة ينفون حقائق هذه الصفات. ومعلوم أن العجب الذي يثبت لله تعالى ليس كعجب المخلوقين؛ لا في حقيقته، ولا في سببه؛ فإن عجب المخلوق يكون لخفاء السبب كما قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب، أما العجب من الله تعالى فإنه واقع مع كمال العلم، لكنه يقتضي أن الشيء الذي عجب الله منه قد تميز عن نظائره.
وتفسير العجب بالرضا لا يصح؛ فإن الله يعجب من بعض ما يحب ويرضى، ويعجب من بعض ما يبغض ويسخط كما في الآيتين والحديث. ومن يفسر من النفاة العجب بالرضا يفسر الرضا بالإرادة؛ فيؤول الأمر إلى تفسير العجب بالإرادة؛ وهذا كله من صرف ألفاظ النصوص عن ظاهرها بغير حجة؛ وهذا هو التحريف الذي نهى الله عنه في كتابه وذم به اليهود في قوله تعالى: "يحرفون الكلم من بعد مواضعه".
25 – قال الحافظ 6/ 291 على حديث رقم (3194) قوله: (كتب في كتابه) أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ ... إلخ ".
قال الشيخ البراك قوله: " أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ ... إلخ ": هذا يقتضي أن الله تعالى لم يكتب بنفسه، بل أمر القلم أن يكتب، وأن هذه الكتابة هي الكتابة في اللوح المحفوظ، وأنه المراد بالكتاب في هذا الحديث.
وفي هذا نظر؛ فإنه لا موجب لصرف اللفظ هنا عن ظاهره، فإن الله تعالى يكتب بنفسه، بيده ما شاء إذا شاء، وهذا على مذهب أهل السنة المثبتين لقيام الأفعال الاختيارية به.
وأما نفاة الأفعال الاختيارية كالمعطلة من الجهمية والمعتزلة وكذا الأشاعرة، فإنهم ينفون قيام الكتابة به سبحانه، فلذا يتأولون كل ما ورد فيه إضافة الكتابة إليه. وإن كان يصح حمله على الأمر بالكتابة في بعض المواضع، فإن ذلك لا يصح في كل موضع؛ فإن اللفظ المحتمل يجب حمله على الظاهر ما لم يمنع منه مانع، أو يدل دليل يوجب صرفه عن ظاهره، وحمله على المعنى الآخر، وكذلك لا يتعين أن يكون المراد بالكتاب في هذا الحديث هو اللوح المحفوظ، بل يحتمل أن يكون كتابًا آخر كتب الله فيه ما شاء، ومنه قوله تعالى: " إن رحمتي غلبت غضبي "؛ فالواجب إمرار الحديث على ظاهره على مراد الله ومراد رسوله من غير تكييف ولا تحريف.
وأما قول الحافظ: " ويحتمل أن يكون الكتاب: اللفظ الذي قضاه .... إلخ " فهو أبعد من التأويل الذي قبله، ولا حجة له في قوله تعالى: " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي "؛ فإنه لا يمتنع أن يكون كتب الله هذا الحكم فيما شاء، بل هذا هو الظاهر؛ فالآية نظير الحديث في نسبة الكتابة إلى الله عز وجل، ولا موجب لصرفهما عن ظاهرهما، إذ لم يدلا إلا على الحق.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[28 - 12 - 05, 06:41 م]ـ
¥